متحدون : قوة الحشد فى الميدان وظهير النظام الصاعد (تقدير موقف)

متحدون : قوة الحشد وظهير النظام الصاعد (تقدير موقف)

فى الخامس والعشرين من دجمبر 2021 أختار تيار متحدون أن يكون مهرجان حزب الإنصاف الحاكم بساحة  المطار القديم محطة بارزة للتأكيد على تماسك التيار فى وجه كل محاولات التفكيك، وفاعلية التيار فى مواجهة الجمود السياسى الملاحظ ، والقوة الذاتية للتيار وزعيمه وزير الإقتصاد السابق المختار ولد أجاي فى مواجهة خصومه ، رغم الملاحقة القانونية الظالمة ساعتها من قبل اللجنة البرلمانية، وبعض الأطراف المحلية المنزعجة من الحضور المتزايد للرجل فى الحياة السياسية بموريتانيا خلال السنوات الأخيرة.

كانت الرسالة بحجم المخطط له من قبل قيادة التيار الشبابى، وكان الحشد بحجم الثقة التي يمتلكها الرجل بين النخب الشبابية المحيطة بها. 

لقد تحركت أفواج المتظاهرين من مجمل أحياء العاصمة نواكشوط صوب المخيم المقام بالمطار، تتقدمهم كوكبة من خيرة الشباب الفاعل بحزب الإنصاف، يحملون الصور المكبرة لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، والشعارات المميزة لحراك جمعه أصحابه معترك السياسة لأول مرة سنة  2018 إبان الحراك المحضر لمؤتمر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سابقا؛ قبل أن تختبر الإرادة الجماعية لتلك الكوكبة بتحييد قائدها من  واجهة التأثير فى دوائر صنع القرار ، بالإقالة من منصبه قبل الأخير؛ الإدارى المدير العام للشركة الوطنية للصناعة والمناجم بموريتانيا.

حضور لم تستطع تسريبات المحققين الممسكين بالملف المثير للجدل، وشائعات الإعلاميين المرتبطين ببعض رجال الأعمال ودوائر الصراع داخل الأغلبية ، وتغول المنافسين داخل الحزب الحاكم والحكومة حجبه، لقد تردد الصدي فى كل محطة، وتحدثت مجمل دوائر التأثير ، وقنوات الإخبار الموثوقة عن قدرة فائقة لدى الدجل فى الحشد، ساهم فيه حجم التقدير  والإلتفاف الجماهيري الذى يحظى به رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بين السكان، مما سهل مهمة التيار الشبابي،  وأنعش آمال قادته الذين خططوا  لتعزيز مكانة الحزب الذى ينتمون إليه داخل الساحة السياسية المحلية.

فى الخامس والعشرين من ابريل 2023 تم تكليف زعيم التيار الوزير المختار ولد أجاي بقيادة الحملة المحضرة للإنتخابات التشريعية والبلدية والجهوية بالعاصمة نواكشوط.

قاد المختار ولد أجاي - وهو المعطل عن العمل- تشكلة من قادة الحزب البارزين ، ضمت تسعة وزراء ؛ فى رسالة واضحة عن حجم الثقة التي يحظى بها الرجل من قبل رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني. 

فرح بعض رموز  الأغلبية والمعارضة بتسمية الرجل مديرا لحملة حزب الإنصاف الحاكم، وهم يمنون النفس بنتائج سلبية ؛ يمكن إلصاقها بموقف الشعب من الوزير  المكافح من أجل موقع جديد داخل المشهد المتخم بالرموز والوجهاء وأدعياء التأثير، وتوقع البعض أن تكون للسكان بالعاصمة ردة فعل تجاه النظام الحاكم، بفعل تداعيات كوفيد؛ والجفاف الذي ضرب بعض مناطق البلاد، والإضطرابات الحاصلة فى مجالات حيوية كالمياه والكهرباء ، والتعثر الملاحظ فى تنفيذ جل المشاريع بفعل ضعف المتابعة من قبل بعض معاوني الرئيس، وتداعيات الأحداث المحيطة بالبلاد جنوبا وشمالا، والتأخر فى  استخراج الغاز الذى كان ينظر إليه كمخلص للبلد من ورطة الديون الخارجية ، وملاذ حكامه فى مواجهة الإرتفاع المذهل للأسعار بموريتانيا.

غير أن نتائج انتخابات الثالث عشر من مايو 2023 كانت هزة سياسية غير مسبوقة بتاريخ العاصمة السياسية للبلاد. لقد كسب الحزب الحاكم عمد العاصمة التسعة وقيادة الجهة وجل نواب العاصمة لنواكشوط وأغلبية المستشارين، وكانت نتائج العاصمة رافعة حقيقية للوائح الوطنية الثلاثة.

صمت الكل فى مواجهة القراءة المنتظرة للنتائج من قبل صاحب القرار الأول والأخير بالبلد (رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني ) ؛ لقد أنهارت فى لحظة واحدة كل المبررات التي جمعها البعض لتبرير فشل راهن عليه، ولم تسعف المعارضة حججها فى وجه الحقائق الواضحة (التخطيط الجيد ، والمتابعة الدقيقة لسير العمل، والخطاب العقلاني لمدير الحملة، والإجراءات السريعة والحاسمة لإكمال أي نقص ملاحظ، وإغلاق كل الثغرات المحتملة قبل يوم التصويت). لاشيء يمكن قوله، لقد كانت أنظمة التسعينات واجهة لكل أفعال التزوير والتدجين والضغط واستغلال النفوذ، ومع ذلك ظلت العاصمة نواكشوط عصية علي الحاكم ومعاونيه.

اليوم ومن قصر المرابطون يستعيد تيار "متحدون" دوره وفاعليته قبل شهرين من انتخابات رئاسية تعني الكثير للرجل الممسك بزمام التيار ، والجيل الشبابي المحيط به . لقد كان رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني سخيا معهم خلال الأشهر الأخيرة، مقدرا لجهودهم الكبيرة، مثمنا للعمل الذي قاموا به دعما للحزب والرئيس، وكان تكليفه الوزير المختار ولد أجاي بمنصب جديد فى هرم الجهاز التنفيذي (الوزير مدير ديوان رئيس الجمهورية) بمثابة الحسم المبكر للجدل الذي حاول البعض الدفع به نحو الواجهة ( استحالة جمع لبراكنه بين قيادة البرلمان ومنصب قيادي فى التشكيلة الوزارية) ؛ لكن الرئيس أراد وبشكل واضح أن يقول كلمته ويحدد معالم اللعبة وفق أولوياته ومصالح نظامه، دون اهتمام بالضجيج الصادرة من مراكز القوي المحيطة به.

#زهرة_شنقيط
#تابعونا