هل تخطط باريس لضرب الثروة البحرية فى موريتانيا؟

صعدت الحكومة الفرنسية من لهجتها العدائية ضد الدولة الموريتانية خلال الأسابيع الأخيرة، بفعل الخلاف المتصاعد بين الرئيس الموريتانى والمعسكر الإشتراكى الحاكم بباريس، وسط مخاوف من لجوء التحالف الدولى المناهض لموريتانيا فى الوقت الراهن ( باريس – الرباط – دكار) إلى ارتكاب عمليات مشابهة لتلك التى عاشتها تركيا قبل المحاولة الانقلابية الأخيرة.

 

باريس - التى يتنقل سفيرها منذ فترة بالعاصمة الموريتانية نواكشوط بين الأحزاب السياسية المعارضة للنظام دون أن يلتقيه الرئيس أو وزيره الأول بفعل الجفاء بين النظامين-  حولت فضاء موريتانيا إلى منطقة حمراء بالكامل، بعد أن كانت نواكشوط تحاول إقناع الدولة الاستعمارية السابقة بجهودها المبذولة من أجل ضمان الأمن فى البلاد خلال السنوات الأخيرة، لكن لباريس مآربها الخاصة، لقد حسمت أمرها وقررت قتل النشاط السياحى  داخل البلد، وبث الرعب بين البعثات الدبلوماسية العاملة فيه، لكن الأمر تطور إلى حرب شاملة تستهدف أهم ركائز الاقتصاد الموريتانى كما يقول بعض المتابعين.

 

 

الصورة التى رسمتها باريس اليوم الأحد 06-11-2016 عن الشواطئ الموريتانية تعتبر الأخطر فى تاريخ العلاقة بين البلدين منذ الاستقلال، إذ تحمل فى طياتها استهدافا واضحا لقطاع الصيد الموريتانى، وإرباكا متعمدا للسفن الغربية والروسية والآسيوية العاملة فى المياه الموريتانية، بعد أن باتت مساحة الخطر الفرنسية المزعومة تتجاوز 100 كلم فى عرض البحر، وشواطئ موريتانيا عرضة للقراصنة ، وهو مايعنى أن مجال الصيد البحرى بموريتانيا أنضم رسميا إلى اللائحة الحمراء لدى الفرنسيين الذى لبوا أبرز رغبات القاعدة واغتالوا حلم السياحة فى موريتانيا منذ مقتل رعاياهم فى الرابع والعشرين من دجمبر 2007.

 

لم يصدر أي تصريح من الحكومة الموريتانية خلال الساعات الأخيرة، فخفر السواحل غائب أو مغيب، والخارجية محايدة فى الصراع أو مشغولة بفعل الخلاف الدائر بين رموزها، والحكومة بلا ناطق رسمى منذ فترة، وإذا نطق فلإثارة الجدل والسخرية داخل الرأي العام الداخلى، ومستشار الرئيس الإعلامي منصب أختار الرئيس إسناده للفراغ بعد خمس سنوات من الفشل فى التسيير والعجز عن إنضاج رؤية إعلامية للقصر أو تعزيز مكانته لدى متابعيه.

 

تفخر الحكومة الموريتانية – فى صمت- أنها جنبت بلادها عنف القاعدة وأخواتها خلال السنوات الأخيرة، وأن حراك المهاجرين السريين عبر الأطلسى قد توقف بعد رؤية أشلاء المهاجرين الأفارقة على الشاطئ ردحا من الزمن، وتستعرض خفر السواحل الذى حولته من مندوبية لمراقبة الصيد غير الشرعى إلى جهاز عسكرى، تحكمه أعراف المؤسسة العسكرية ويخضع منتسبوه للتدريب العسكرى بعد الاكتتاب.

 

ولتعزيز الصورة الأمنية وإحكام القبضة على المجال البحرى، دفعت نواكشوط ب"تمبدغه" و"سيلبابى" إلى الواجهة فى صفقة كلفت الحكومة ملايين الدولارات، بعد الباخرة العسكرية التى أشترتها البحرية بعشرة ملايين دولار لمراقبة المجال البحرى قبل فترة، ونشرت قوات الحرس الرئاسى بين العاصمة الاقتصادية نواذيبو نواكشوط، ودفعت بتعزيزات من المنطقة العسكرية السادسة إلى الطريق الرابط بين روصو ونواكشوط، لكن للسجال السياسى أحكامه وللخلاف منطقه، فلم تعد باريس منذ فترة تنظر إلى أعمال الحكومة بعين الرضى، لقد تحول الرئيس وجنده إلى مصدر تهديد للأمن، وباتت كل مناسبة إعلامية أو سياسية فرصة لوخز الحليف المتمرد، وتذكير حكام العاصمة نواكشوط بأن للفرنسيين مايمكن أن يقوموا به من أجل الضغط على الحكومة نصرة للحلفاء أو تذكيرا للطرف الآخر بأن التمرد على الحاكم الفرنسى بإفريقيا له ثمن يجب أن يدفع.

 

سيد أحمد ولد باب / كاتب صحفى

ouldbaba2016@gmail.com