التكوين المهني.. الحاجة الى استراتيجيات جديدة

قبل ايام قليلة التأمفي بلادنا اول مؤتمر عربي حول التكوين التقني والفني ، وهو بحسب القائمين عليه يعتبر المؤتمر التأسيسيلإعادة النظر في استراتيجيات التعليم التقنيوالفنيفي العالم العربي ، فكرة المؤتمر ليست وليدة صدفة،فالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هذه المنظمة التي تشرف منذ نشأتها على كل ماله علاقة بالتربية والتعليم والثقافة  في الوطن العربي.

استشعرتضرورة التفاعل مع التكوين المهني والتقنيعلى اعتباره احد مكونات التعليم ، وهكذا استشرفت المنظمة ضرورة انعقاد مؤتمر تأسيسي ، بادرة نواكشوط بقبول استضافته ودعت اليه بقية الدول العربية،  رغم ان التعليم والتكوين التقني في تلك الدول على مستويات مختلفة ، مثلا بعض الدول لديها مؤسسات مستقلة تدير قطاع التعليم والتكوين المهني مثل السعودية ، والبعض لديه وزارة قائمة بذاتها  مثل تونس والجزائر البعض الاخر لديه وزارة مكونة من قطاعات يشكل التعليم التقني احدها كما هى حال بلادنا، والبعض الاخر لديه مدرية تتبع للقطاع  التربية والتعليم كحال فلسطين وقطر.

خلال المؤتمر تم التعرض لتشخيص واقع التعليم والتدريب المهنيفي العالم العربي من حيت نفاط القوة ونقاط الضعف وكذلك الفرص المتاحة والتحدياتالتي تعيق سير العمل المشترك ، كما تم توصيف منظومة التعليم الفني في كل دولة من حيث نظام التعليم المهني و هياكله و شروط الالتحاق

كذلك تم التطرف في بعض الورقات المقدمة الى المؤتمر لمستقبل المهن و متطلبات ومتغيرات اسواق  العمل العربية، هو امر في غاية الاهمية فمخرجات التكوين والتدريب ستكون عالة على الدولة اذا لم تكن هي نفسها مدخلات سوق العمل ، أعجبتني هنامداخلةالجانبالتونسي الذى ذكر انالدولة وضعت في الحسبان رصد " تكاليف العاطلين عن العمل " وهىمقاربة جيدة ففيبعض جزئياتهايمكن للدولة معرفة ورصد بعض المصادرة التي يمكن استغلالها وعلى راسها الموارد البشرية القادرة على الانتاج وخلق انشطة ليست فقط مدرة للدخل بل ايضا يمكنها خلق فرص عمل ومناخ اعمال (الاعمال البسيطة تخلق مناخ اعمال كبيرة ).

التعليم والتكوين المهني في موريتانيا ذلك القطاع الفتي والذى حسب القائمين عليه كان تحت وصاية التعليم الأساسي الى عهد قريب حيث استحدث له وزارة خاصة به وتشكلت مكوناته الاساسية والتعليمية وكذلك هياكله التكوينية ، وهكذا أبصرت النور عشرات المراكز في ارجاء الوطن، وعدة ثانويات فنية و تقنية ومراكز التعليم في المستويات العالية.

 

لكن هذا قطاع الحيوي ورغم كل الاستثمارات و المجهوداتالتي بذلت ، الا انه لايزال بحاجة الى المزيد من الجهود ليكون على المستوى المنشود له ، ضمن استراتيجية وطنية طموحه، و سنتطرق هنا لبعض النقاط الاساسيةفي معالجة سريعة يمكن الرجوع اليها لاحقا بتفاصيل فنية اكثر دقة في مقالات لاحقة ان شاء الله تعالى.

هذا القطاع الفتي لايزال بحاجة الى رؤية موحدة على مختلف المستويات في التكوين التقني و الفني والمهني، مصطلحات يضيع في افقها ملامح الهدف المشترك، وتتلاشي الرؤية، كما انغياب بعض الموارد الاساسية مثل صناعة الاعمال وبرامج التشغيل الذاتي وبرامج الشراكة بين القطاعين  كلها جملة  اساسيات تعيق الجهود المبذولةفي النهوض بهذا القطاع.

ايضا، غياب الاطار التشريعي في اعلى هرم التكوين التفني و المهني يؤثر سلبا على هذا القطاع فغياب او عدم  تفعيل النصوص التنظيمية في ما يخص بعض الشهادات والاعتراف بها –homologation-يعيق العمل عليها كمخرجات ذات قيمة فعاله  ، وكذلك الحال في ما يخص النصوص التنظيمية لسير عمل المجلس الوطني للتكوين التقني والمهني.

كما ان عياب انماط التكوين الملائمة في القطاع تضيع الكثير من التكاملية المرجوة، ففي عصر التكنلوجيا الحاليتنتقل الكثير من القطاعات الى حيث توجد مخرجاتها وهى اساليب حديثة للارتباط المباشر، فعدم تكاملية القطاعينتحول دون ذلك لكن لا يمنع من ان توجد مؤسسات تدريبية داخل المنشأة واماكن العمل المباشر (نقل مراكز التدريب الى بيئية العمل مناطق الصناعية والمصانع) او وجود بدل التكوين بالتناوب المعمول به في بعض دول الجوار حيث يمضى المتدرب بضعت ايام في المراكز والايام الاخرى يمضيهافي المصنع او الورشات العملية.

غياب برامج  ومسالك التكوينالمستمر للمتخرجين بما يؤهلهم لمواكبة التطورالحاصل في الانتاج التكنلوجي والصناعي هذه الجزئية تحتم ايضا تكوينا مستمرا و تحسين مستوي للطاقم التدريبي من المكونين والاساتذة وهى برامج  يجب ان تكون اولوية بالنسبة للقائمين على القطاع.

البنية التحتية ايضا لها نصيب كبير فهي الواقع الفعلي للتعليم والتدريب وفى هذا البند تندرج البرامج التعليمية و التجهيزات والمسالك التدريبية بناء على تلك البرامج ، كذلكبرامج تعاون تتيح فرصة نقل المعارف والتكنلوجيا ، وليس نقل " مقتنيات " حتي  لاتضيع الجهود ضمن ترتيب الاولويات.

اقل منخمسمائةمكون واستاذ هم الطاقم التعليمي والتدريبيفي هذا القطاع ، ورغم ذلك لا يزالالمكونين والاساتذة غير قادرين على العطاء من ناحية العجز المترتب على ضعف التعويض والرواتب ومن ناحية اخري ضعف التكوين المستمر وبرامج التحسين وانظمة المؤامة وكذلك برامج تحسين الخبرات.

ان الاولوية الآن لإنشاء مركز تكوين للمكونين باتت اكثر الحاحا،حيث سيمكن هذا المركز الدولة من الاستفادة من الموارد المالية التي تصرف ضمن برامج او قروض وغيرها من المصادر التمويلية ، كما سيمكنها من وضع الية دقيقة للتكوين وبرامج تكونية تواكب المتطلبات وتوفر حد ادني من تكوين المكونين.

محمد فال ولد يحي