هل فوضت الأحزاب قادتها للتحاور سرا مع الرئيس؟

 أكد عدد من رموز المنتدى الوطنى للديمقراطية والوحدة المعارض بموريتانيا قبل أيام فشل الاتصالات العلنية والسرية التى أجريت مع نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، محملين الرجل مسؤولية ما آلت إليه الأمور، بفعل ما أسموه الرفض والتملص من كل الحوارات الهادفة إلى تحقيق تفاهم جدى داخل البلد.

 

لكن الجانب الذى لم يثره قادة المنتدى فى ندوتهم الأخيرة مع النخب المثقفة بموريتانيا وبعض الصحفيين المهتمين بالحراك الجارى، هو الأسباب التى تدفع عدة تشكيلات سياسية معترف بها إلى الانخراط فى حوارات سرية مع الرئيس والحكومة، ومدى أخذ قادة تلك التشكيلات التفويض اللازم من المكاتب التنفيذية المعنية بتسيير العملية السياسية؟ أم أن رموزها يتحركون "سرا" بتفويض مسبق أو خروجا على المتعارف عليه من أصول العملية السياسية بموريتانيا.

 

بل إن الأغرب هو انخراط البعض فى حوار سرى مباشر مع بعض أطراف المؤسسة العسكرية التى يتهمها بأنها رأس البلاء فى المنطقة ولجوء البعض إلى كبار الضباط المتقاعدين من أجل تعزيز مكانته داخل الساحة السياسية أو البحث عن حلول غير تقليدية للأزمة الراهنة، وسعي البعض الآخ لعقد تفاهمات سرية مع الرئيس والحكومة والوسط الإجتماعى الحاضن للنظام القائم قبل إبلاغ قادة الحزب الذى ينتمى إليه بما خطط له وناقش مع "العدو" المفترض له. رغم أن مجمل تلك المساعى فشلت – كما يقول مهندسوها- وإن تعذر تصديق الرواية المتعلقة بمن عرقل فرص التفاهم بفعل سرية التفاوض ومحدودية الأشخاص الضالعين فيه، وغياب أي رؤية شفافة وواضحة حول القضايا التى أثيرت خلال النقاش، والآليات المقترحة من أجل تمريرها فى حالة الاتفاق والمقابل الذى سيكسبه النظام من اتفاق سرى مع أبرز معارضيه.

 

يبرر قادة المعارضة لجوء البعض للحوار السرى مع السلطة بالرغبة فى انجاز تفاهم يخدم البلد، والخروج من التدافع الإعلامى إلى وضع يمكن من انضاج فكرة التحول المطلوب داخل البلد، ويصر الطرف الآخر على نقي أي تفاوض فى الوقت الراهن مع السلطة أو الفاعلين فيها، ويرى أن قرار الرئيس فى أكتوبر أجهض كل الآمال التى كانت مطروحة لدى معسكر المعارضة، بعد أن أختار الرئيس انتقاء محاوريه من الطيف المعارض، ورسم أجندته السياسية بدقة من أجل تمريرها، رغم الحماس والاستعداد الذى أبدته أطراف فاعلة فى المنتدى للمشاركة فى الحوار والدخول فى المسار الذى أطلقته الرئاسة عبر بعض مستشاريها فى سبتمبر 2016.