تخسر دول شاطئ غرب إفريقيا ما يزيد على 1.5 مليار دولار سنويا نتيجة الصيد غير المشروع. كما أن المبالغة في الصيد تضرب بقوة هذه الدول. وقد سلط الاتحاد الأوربي الضوء ـ في إستراتيجيته المتعلقة بخليج غينيا ـ على التهديدات والمخاطر التي تتعرض لها دول الشاطئ الغربي لإفريقيا ، إضافة إلى الارتباطات بأوربا باعتبارها سوق استيراد لمنتجات الصيد وموطن لكثير من سفن الصيد العملاقة.
وحتى الآن تعطي الإستراتيجية للأمن البحري بغرب إفريقيا الأولية لمواضيع الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين والقرصنة.
وفي المستقبل، مع أنه ينبغي إيجاد تركيز قوي على التهديدات التي يسببها الصيد غير المشروع، خصوصا فيما يتعلق بتقديم المساعدة والتدريب والمساعدة في التجهيز لتطوير الرقابة ، والمتابعة في مياه غرب إفريقيا، فإنه من المطلوب كذلك إيجاد مقاربة شاملة تتعامل مع مشاكل الشاطئ المرتبطة بقطاع الصيد.
تتعرض السياسية الأمنية للاتحاد الأوربي بشواطئ غرب إفريقيا مؤخرا لضغوط. وفي إستراتيجية خليج غينيا المتبناة في شهر مارس من العام المنصرم صنف الاتحاد الأوربي نقص السيطرة على مياه الشواطئ وتزايد الجريمة والنشاط الإرهابي على أنها تهديد لدول الإقليم، وهي كذلك للأوربيين.وليس هناك من صدفة أن يكون الصيد غير المشروع وغير المعلن والفوضوي على رأس قائمة إستراتيجية الاتحاد الأوربي في التهديدات كالاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة. وجريمة استغلال الموارد الطبيعية التي تتضمن الصيد هي واحدة من ثلاث مواضيع هامة تتعامل معها مجموعة روما ليون ، وهو منتدى لمكافحة الإرهاب والجريمة وتحت رئاسة ألمانيا.والقرصنة وعمليات السطو المسلحة في البحر تهيمنان على أجندة أوربا بغرب إفريقيا.
ومع أن إستراتيجية الاتحاد الأوربي تبنت كذلك الدفاع عن مفهوم شامل للأمن البحري. مرة أخرى في هذه الخلفية فإن جريمة الصيد غير الشرعي كشكل من أشكال جرائم البحر لم تتلق لم ما يكف من الاهتمام.
الجريمة التي يسببها الصيد غير المشروع
إن اصطياد الأسماك عامل اقتصادي هام لكثير من الدول الأفريقية. و قد قدر البنك الدولي بأن 1.6 مليون طن من الأسماك تصاد سنويا من غرب وتبلغ قيمتها 2.5 دولار.
وحسبما منظمة التنمية الدولية فإن أكثر من سبعة ملايين شخص يعملون في قطاع بغرب إفريقيا وحدها. والاصطياد غير المشروع المصحوب أحيانا بسفن صناعية يمارس ممارسة غير منضبطة وغير مذكورة( كالإعلان الكاذب عن الكمية المصطادة ، أو استخدام سفن بدون هوية) يسبب خسائر اقتصادية هامة لدول الشاطئ الإفريقي ويحرمها من أثمان الرخص ، وعائدات الضرائب.
إضافة إلى ذلك فإن الاصطياد المبالغ فيه وتناقص الكائنات البحرية يسبب تهديدا مباشرا للتجمعات المحلية ، وسبل الحياة ، فيما تتداعي غلات السمك يتزايد خطر الأمن الغذائي.
وتفتقد كثير من الفرص إضافة إلى كثير من الأسماك المصطادة بطريقة شرعية التى ترسل إلى البحر قبل تحويلها إلى دول أخرى. وقد فاقمت مستويات الهجرة المرتفعة من أراضي الصيد البري إلى الساحل الغربي من المشاكل. ورغم تداعي أرقام الاصطياد فإن الناس وخاصة الشباب يحاولون تحصيل لقمة العيش بالكد من خلال العمل في الصيد التقليدي للأسماك.
وهذا ما قوى من الضغوط على القطاع، نظرا لقلة بديل عوائد الموارد الأخرى، وهو ما يرفع من مخاطر التوترات الاجتماعية وحتى انعدام الاستقرار.
ومع أن العنف المرتبط كليا بالصيد الصناعي غير المشروع نادرا ما يظهر فإن هناك ارتباطات بأشكال أخرى من النشاطات الإجرامية خاصة الاتجار بالبشر.
ففي كثير من السفن تعمل فيها مجموعات من العمال في ظروف غير إنسانية، وفي بعض من الحالات يكتتبون بقعود زائفة في دول الإقليم كمثل العمل القسري.
ومزاعم الارتباط بين الصيد غير المشروع والاتجار الدولي بالمخدرات معتادة ، فيما الحصول على دليل قوي لإثباتها صعب للغاية فهناك على الأقل بعض الأدلة في استخدام سفن الصيد كغطاء لتهريب الكوكايين والمخدرات الأخرى. لذلك فإن قرصنة الصيد لا تشكل تهديدا لاقتصاديات دول الشاطئ فحسب بل إنها تهدد السلامة والأمن البحرين في محيط حساس.
المقاربة الدولية والتهديد الإقليمي المستمر
المشغلون من الدول الأصلية وأسواق الصيد الصناعي يظهرون بلا رخص مناسبة يمارسون العمل بدون أو رخص ملائمة أو تحديد معايير للحماية في المناطق في الواقع غرب الساحل الإفريقي. وحتى لو كان بعض من الصيادين التقليدين يشاركون في الصيد غير المشروع ، فإن ذلك عامل الضغط الرئيسي على القطاع يأتي من الخارج.
ومنذ تسعينيات القرن المنصرم ،فقد تبنى المجتمع الدولي مجموعة من الاتفاقيات الدولية المتنوعة للتعامل مع هذا المشكل. ويجب بالخصوص ذكر الخطة الدولية للعمل على ومنع وإبعاد الصيد السري غير المشروع التي تبنتها المنظمة الدولية للأغذية والزراعة في عام 2001.
وقد ضبطت هذه الخطة قواعد معاير المحادثات ، وإدارة المصادر السمكية ، وعرفت المبادئ العامة لمبادرات الدول والأقاليم المتعلقة بالحد من الصيد غير المشروع. ومع مثل هذا النوع من المقاربات الدولية قد وضعت الإطار ، فإنه في النهاية تبقى المسألة متعلقة بالحكومات نفسها لترسيخ هذه الاتفاقيات، وحفظها. والصيد غير المشروع ليس مدفوعا بعامل الطلب الأوربي على الأقل. لأن أوربا قد تبنت قانونا لمنع ، وتقليص وإبعاد الصيد غير المشروع ، وقد دخل هذا القانون حيز التنفيذ منذ 2010.
ومنذ ذلك الوقت أصبح مطلوبا الحصول إفادة للصيد ، وتفاصيل حول مصدره وذلك لإيراد وتصدير تلك المنتجات السمكية.
ويتحفظ الاتحاد الأوربي كذلك بلائحة لسفن الصيد الكبيرة ، ولائحة للبلدان غير المتعاونة. وفي خطوة مشابهة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الولايات المتحدة تنوي منع الصيد غير المشروع ، والأطعمة البحرية داخل السوق الأمريكية.
ورغم كل هذه الإجراءات لا يزال الصيد غير المشروع مستمرا بأثمان باهظة خاصة في المناطق الساحلية لغرب إفريقيا. و السفن المساهمة في الصيد غير المشروع على مستوى الصيد الصناعي هي سفن قادمة من كوريا الجنوبية والصينية وباقي الدول الآسيوية. وتعمل كثيرا تحت أعلام دول أخرى لكي تتجنب المراقبة أو المحاسبة القضائية في بلدانها الأصلية.
وبعض من الأسماك المصطادة ترسل كثيرا ما تشحن مع أسماك مصطادة اصطيادا شرعيا ، وتجلب إلى الأسواق عبر موانئ وسيطة.
ونتيجة لذلك لا يزال الصيد غير الشرعي يصل إلى أسواق الاتحاد الأوربي. فضبط ومراقبة قطاعات الصيد لا يزالان مهملين في كثير من دول غرب إفريقيا ، ولذلك في لم تستطع هذه الدول تحقيق معايير قوة الاتفاقيات الدولية.
وهذا التأثر موجه إلى الدول المتضررة من الصيد غير المشروع في مياهها والدول صاحبة الأعلام التي تحملها السفن مثل السنغال وليبيريا اللتان مسؤولتان عن تعزيز القانون فيما يتعلق باستخدام سفنهما.
لذلك لا تزال كثير من سفن الصيد غير المشروع تعمل .إ. مما يقود إلى النتائج المذكورة آنفا. لكن مثل هذه المشاكل لا تظهر في البحر بل إنما على اليابسة، كما هو الحال في الأمثلة التي تظهر دولة غينيا. الصيد غير المشروع تحد وطني في غينيا من بين دول غر ب إفريقيا الأكثر تأثر من الصيد غير المشروع تبرز دولة غينيا ، ومع مراقبة جدية للمياه السيراليونية فقد ساءت هذه المشاكل مؤخرا. وتخسر دولة غينيا ما يقدر 100 إلى 150 مليون أورو سنويا ـ وهو ما يشكل حوالي 10 من ميزانيتها الوطنية ـ وذلك ناجم عن الصيد غير المشروع . إضافة إلى قيمة الصيد غير المشروع فإن الدولة تخسر جراء الرخص، والضرائب.. والسفن الأجنبية ـ خاصة منها الآسيوية ـ تعمل بدون رخص صحيحة،و هناك سفن أخرى كثيرة تعمل في الصيد برخص مزدوجة. وتعمل بعض السفن تحت بعض الواجهات المحلية من قبل بعض الأوساط العلمية. ورغم أن هيئة الرقابة مجموعة ، فإن قلة الموارد ، وكثرة القواعد الشاطئية لا تكاد تؤدي كامل نفقاتها. ويبدو أن المفتشين يفتقرون إلى التدريب ، وسمعتهم سيئة في تعزيز رواتبهم بتمرير المعلومات إلى سفن صيد غير شرعية.
وقد اتهم وزير الصيد السابق غينيا موسى كوندي يتملك على الأقل شركة ، اتهام بالفساد. ولمواجهة مثل هذا السيناريو قرر الاتحاد الأوربي وضع غينيا على قائمة الدول غير المتعاونة وذلك في مارس 2014 ، وقد منعها بموجب ذلك من تصدير المنتجات السمكية.وقد أزيح الوزير من منصبه. ولكنه بعد ذلك عين بكل بساطة في وظيفة حكومية أخرى.
و لا تباع الكميات الهامة من الأسماك المصطادة بآسيا فحسب بل إنها تصل السوق الأوربية عبر وسطاء من غرب إفريقيا كالسنغال وساحل العاج . وقد تزايد عدد السفن المشاركة في الصيد غير التي تصطاد في المياه الغينية ، كما تزايد أثمان الرخص ، وفي شهر أغسطس أوقف وزير الصيد بغينيا الصيد الصناعي لمدة شهرين. ورغم هذه الإجراءات ، فإن غينيا تقوم بمجموعة من الإجراءات الخادعة لتجنب الخدع الأوربية.
وبالرغم من التأثيرات السلبية للصيد الشاطئي والصيد التقليدي ، يبقى الشاطئ الغيني جزءا من المشكل. بالنسبة للمياه المحدودة فإن سفن الصيد ، والصيادين الصغار يزودون سفن الصيد الكبيرة القادمة من آسيا، وفي الأساس هي من كوريا الجنوبية. والجهود الموجهة لمكافحة الاستخدام السيئ ونقص الكفاءة في قطاع الصيد لا ينبغي أن تقتصر في تسليط الضوء على الأمن والسلامة البحرين بل ينبغي كذلك أن تتعامل مع وضعية الشاطئ.
حدود الأمن البحري ، ومقاربة شاملة.
تعتبر القرصنة في خليج غينيا تعتبر منذ أمد طويل تهديدا للأمن البحري في غرب إفريقيا. وفي المقابل أس س وخطة عملها المتبناة في شهر ديسمبر 2014 ، حيث تشير بشكل مباشر إلى ... حيث يقدم هيكلة مشتركة لأعضاء دول الاتحاد الأروبي ، لبناء قدرة في نشاطات الأمن البحري للتعامل مع دول العالم الثالث ، والمنظمات الإقليمية. وقد وجد قانون شامل لتوجيه الأمن البحري ، بوسط وغرب إفريقيا وذلك منذ عام 2013، كجزء من إعلان يواوندي .
وهناك إجراءات مشابهة مثل إطلاق محاربة القرصنة. ومثل هذا وبقية المبادرة الدولية تعطي الأولية لمحاربة الصيد غير المشروع. وتبدو الدول الإفريقية متحمسة لتطوير مقاربة الصيد ، كالشراكة الإفريقية للاقتصاد. وفي نفس الوقت فإن الرقابة الفعلية لهذا القطاع الفائق التعقيد ، تمكن أن تساهم مساهمة هامة في متابعة ورقابة المياه الساحلية ككل.ك وتجب تقوية القدرات المدنية ، والعسكرية لمكافحة الصيد غير المشروع.
ورغم الأمثلة التي تظهرها غينيا فإن هذا يعتمد الظروف الصحيحة في المكان. وبدون التزام سياسي واضح ، فإن تقديم المشورة والتدريب ، ومعدات المساعدة سيكون تأثيرها قليلا. ورغم ذلك فإنه من الممكن تحقيق بعض التحسينات المنتقاة.
فعلى سبيل المثال ، فقد أنشأت كل من فرنسا وكندا منطقة بحرية لمساعدة تنسيق السلطات الغينية بين مصالح الضرائب والدرك ، ووكالة الصيد دون إنشاء مؤسسات هيكلية معقدة.
و فيما يتعلق بالقرصنة فقد كانت هي الأولوية في عام 2013. ومع أن الخطر قد تناقص شيئا فشيئا فإنه من البساطة أن تتحول المشكلة إلى مكان آخر لذلك من الضروري وجود مقاربات وتنسيقات عابرة للأقاليم. علاوة على ذلك فإنه من البساطة بمكان تحسين نظم الرقابة في البحر.فمن المطلوب كذلك إيجاد إصلاحات بنيوية عامة في الشواطئ لكي تمكن من ضمان مسؤولية إدارات الصيد.
وقد مول كل من الاتحاد الأوربي والتعاون الدولي الألماني برنامج الصيد النظيف في المحيط الهندي الذي يسعى إلى تطوير الاستخدام الجيد لموارد الصيد الهامة بتقديم مجموعة من المشورة للسلطات المعنية في المستويات الوطنية والمحلية.
ومثل هذه البرامج يمكن أن تشترك جيدا مع سياسات الأمن البحري. وفي مثل هذه المقاربات المتجاوزة للقطاعات والإدارات ، التي تبنتها ألمانيا في مكافحة جريمة الاتجار بالحيوانات البرية يكمن أن تستخدم كنموذج. وهي تجمع بين تعزيز القانون والحفاظ على البيئة والمعايير التنموية ، لمواجهة سلسلة جرائم الاتجار بالحيوانات البرية.
وفي ظل رئاسة ألمانيا لمجموعة 7 ، مجموعة روما ليون تجب مناقشة هذا النماذج وغيرها من النماذج الدولية من تطبيق رؤية في القطاع البحري في أقاليم كإقليم غرب إفريقيا. وعلاوة على التعاون مع حكومات غرب إفريقيا ، وعلى سبيل المثال فإن خطة أ س س تتطلب من الأوربيون إيجاد حلولا لتطوير البلدان الأخرى لمحاربة الصيد غير المشروع.
دراسة أعدها المعهد الألماني لشؤون الأمن الدولي حول : 2ـ01ـ2015[1]
الصيد غير الشرعي والأمن البحري
التفاتة للتعامل مع التهديدات البحرية والبرية في غرب إفريقيا
كاثرين لورانز[2]
د. جوديث فورراث[3]
[1] وهذه الورقة هي جزء من مشروع " الجريمة المنظمة : تحد يواجه التعاون الألماني في تنمية الدول الضعيفة ". وهو مشروع من ممول من طرف وزارة التنمية الاقتصادية بالحكومة الفيدرالية الألمانية.
[2] كاثرينا لورانس تعمل في قسم الشؤون الدولية بالمعهد الألماني.
[3] د. جوديث فورات مشارك في قسم الأمن الدولي بالمعهد الدولي.
.
ترجمة زهرة شنقيط
للاطلاع علي نص الدراسة من الموقع الأصلي اضغط هنا