حاربوا الجريمة بقوة ولاتقتلوا الضحايا ثانية بتسيس الوقائع والأحداث (*)

كنت من الأوائل الذين زاروا ضحية توجنين فجر الخميس 17 يونيو 2021 بعد التواصل مع جارها الخلوق الأستاذ سيدى ولد منانى الذى عجز عن حكاية الفاجعة، تاركا للدموع فرصة لرسم ملامح مشهد مرتبك بالكامل.

حرصت على توثيق الحادث وتسجيل فيديو من شقيقتها المكلومة (وهو ماتم تداوله بشكل كبير).

غادرت المنطقة بعد نصف ساعة من تهدئة خواطر المحيطين بالضحية، الذين أقعدهم هول المصيبة وعجزوا عن تصوير ماحدث، أحرى تقبل الواقع الجديد الذى وجدوا فيه أنفسهم فجأة ودون سابق إنذار.

كانت الحقيقة دافعنا الأول، ونقل معاناة أسرة مكلومة أبرز ماننشد، وتوثيق حادث مأساوى بالصوت والصورة أبرز ماتحركنا من أجله، قياما بالواجب وقطعا للشك، فى ظل وجود كتائب محمولة من المدونين والصحفيين والأمنيين الذين يحاولون- كما اللصوص- فرض حالة من الصمت والخوف داخل المجتمع. خدمة لأجندة ضيقة، وتناغما مع من يعتقدون أنه الممسك بزمام القرار الأمنى فى البلاد، دون الانتباه لحق المجتمع فى الإطلاع على مايجرى ورصد مظاهر الخلل، وتنبيه صناع القرار على نقاط الضعف الموجودة دون تحامل أو مجاملة.

لكننا فى المقابل ندرك أن الجريمة لاتاريخ لها ولا مكان ولالون.. إنها لحظة عربدة يقوم بها فاقد للمروءة والدين والأخلاق، مستغلا لحظة استرخاء لمن يفترض فيه اليقظة، أو خطأ أمنى من أحد الأجهزة الأمنية المكلفة بتسيير أمور البلد ، أو تسوء تقدير من ضحية لم يقدر خطورة الموقف أو خصوصية المكان.
لقد كنت شاهدا على حوادث كثيرة وفى أزمنة مختلفة، وداخل العاصمة نواكشوط ذاتها، وكلها شاهدة على حاجة المجتمع للوعي والأجهزة الأمنية لليقظة والسلطة لاتحاذ تدابير جديدة تليق بالتحول الحاصل، والمشاكل المطروحة للسكان، وهي جد كثيرة.

ولعل أكثر تلك الصور العالقة فى الذهن هي
 جريمة اغتصاب وقتل الطفلة زينب بنت عبدالله كابر (10 سنوات) حرقا في مقاطعة عرفات جنوب العاصمة نواكشوط.

وهي الجريمة المسجلة  يوم 24 ديسمبر 2014  (مطلع المأمورية الثانية للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ) ، وبعد 8 سنين بالضبط من جريمة قتل السياح الفرنسين فى عهد الرئيس الراحل سيدي ولد الشيخ عبد الله.

كما تزال الذاكرة تحتفظ بالجريمة المروعة التى راح ضحيتها الشاب ولد برو فى مارس 2019، بينما كان يستند لمغادرة محل عمله فى لكصر.

وقبل ذلك قتل المرحومة  "خدوج" في قلب سوق العاصمة، ومن طرف صاحب سوابق 2014 ، وهو الحادث الذى أنهي حياة سيدة محترمة كانت تتحرك فى سوق مزدحم من أجل التبضع قبل أن ينهي اللص حياتها بصورة بشعة فى وضح النهار.

وقبل أن أغلق قوس الجرائم الكثير ، أتذكر بمرارة كبيرة الحادث الذى هز تفرغ زينه ١٢ مايو 2017 وهو مقتل الأستاذ والمحامى الشيخ ولد حرمة الله رميا بالرصاص فجرا بين منزله ومسجده، وهي الجريمة التى سجلت ضد مجهول.

وذبح الفتاة "أفاتيس"  بنواكشوط الشمالية مايو 2017 فى أمسية عكرت صفو سكان العاصمة وأضفت المزيد من الحزن على أسر كانت آمنة قبل أن تخسر من تحب فجأة دون وداع أو إشعار.

سيد أحمد ولد باب / مدير زهرة شنقيط