أتت جائحة كورنا لتشكف الخور الذي تعانيه منظومتنا الصحية بشكل عام، ومدى حاجتنا لتطوير تلك المنظومة وتعزيزها بما يضمن التقليل من الأضرار على المستوين قريب المدى ومتوسطه، لكن هذه الجائحة، على صعوبتها ومباغتتها، كانت فرصة حقيقية لوضع الطواقم الصحية تحت أضواء كاشفة مكنت من التعرف على بعض المعادن الصقيلة لراجل ونساء عركتهم التجارب وصهرتهم حتى تمكنوا _ليس فقط من الصمود في وجه الأزمة_ وإنما من التميز في الأداء والريادة في الاستشراف والأخذ بأسباب الانتصار على الظرف والوباء معا..
فكان حسن إدارتهم للموارد على قلتها وهشاشة الموجود منها أهم سلاح لكسب جولات مهمة من معركة لا يزال آوارها متصاعدا ولهيبها مستعرا، وآهات ضحياها تقطع الأنفاس في كل أرجاء المعمورة..!
لكن صبر وتجلد مقاتلي جيشنا الأبيض وتحملهم جعل الهجمات القوية لهذا الوباء الفتاك تأخذ منحا تنازليا ما كان له أن يكون لولى حسن الإدارة والتخطيط وسرعة الاستنفار والاستعداد والجاهزية التي شكلت ميسما طبع عمل بعض الأطباء ومسييري المنشآت العمومية؛ فكان للنجاح طعم خاص ومعنى منفردا..
نعم، لقد كانت هذه الجائحة امتحانا حقيقيا لبعض الكفاءات الطبية واختبارا للتجربة الإنسانية، و لم تسعف العديد من تجاوز مرحلة التقوييم، واقصت البعض في مراحل لا حقة، لكنها بالمقابل أبانت عن مستوى آخر من التميز لدى البعض.
فكان ذلك الرجل الأسمر المبتسم دائما و المولود في أدغال الماما "آفريكا" من أم "سرليونية" وأب "تندغي" والذي عاش معظم حياته في مدينة "تمبدغة" شرق موريتانيا وكأن قدره أن يظل مهاجرا يحصد تآشر القلوب ويشهد البقاع والأصقاع على تميزه ونجاحه خير مثال على النبوغ والاستقامة والعبقرية والتميز في اداء الواجب..
ذاك ما شهد به المستشفى الجهوي لولاية تكانت وعبر عنه مستشفى الشيخ زايد وتوجه الآن مركز الاستطباب الوطني.
صمود عجيب لرجل يسكنوه حب الوطن والولاء له.