قررت مجمل القنوات الحرة بموريتانيا – تحت ضغط الفقر والبحث عن التمويل- إلغاء العديد من برامجها الحوارية ونشرات المساء، والتحول إلى منصة رقيمة تابعة للإذاعة الوطنية، فى انتكاسة ذاتية لتحرير الإعلام السمعى البصرى بموريتانيا.
وبات مدير الإذاعة الوطنية هو المدير الفعلى للبرامج فى مجمل القنوات الحرة مقابل مبالغ مالية تصل فى بعض الأحيان 7 ملايين أوقية للسنة ، مع إلتزام مكتوب من القائمين عليها ببث برامج الإذاعة، ومنحه الحق فى استخدامها لتوحيد بث خطبه وبرامجه والسهرات الفنية ذات الطابع الترفيهى، والحوارات السياسية مهما كان مضمونها أو الضيوف الذين ينتدبهم للمهمة أو الليالى التى ينتقيها للقيام بالأنشطة التى يريد بثها للجمهور.
وتتحول شاشات التلفزيونات الوطنية إلى نسخة مكررة بشكل مقزز، مما أفقد تحرير الفضاء السمعى البصرى قيمته، وحول التعددية إلى مجرد ترخيص لجني الأموال، بدل خلق جو من التنافس واعطاء المشاهد فرصة لإختيار الأفضل.
كما حول بعض البرامج الحوارية إلى سلعة تجارية بيد الإذاعة، بحكم انعدام الضوابط التى يتم بها بث خطاب موحد أو برنامج فى مجمل القنوات الوطنية، والذى كان ميزة للأنشطة الرئاسية على وجه الخصوص، والأعياد الوطنية بشكل استثنائى، بينما تم تمييع الأنشطة حاليا، وفرض المشاهد على متابعة بعض الحوارات المفضولة أو اغلاق التلفزيون لإنعدام البديل.
ورغم الأموال الموجهة الى تأميم القنوات العمومية من طرف الإذاعة، لم يثر أي برنامج بثته أي جدل داخل الساحة المحلية، ولم يرق لتأثير الأنشطة التلفزيونية ذات النفس المتحرر من ربقة الرقيب، بينما تثير بعض البرامج الحوارية فى نفس القنوات الجدل واسعا داخل الساحة، وبات البعض يستخدمها كمتنفس استثنائى، بفعل مصادرة الفضاء من قبل الحكومة – نظريا- والإذاعة الوطنية – واقعيا- وملاكها المنخرطين فى حملة البث المشترك للنجاة من شبح الإفلاس الذى يطارد وسائل الإعلام المستقلة بموريتانيا.
وكانت الحكومة الموريتانية بقيادة الوزير الأول محمد ولد بلال قد أكدت أكثر من مرة التزامها بحرية التعبير وتعزيز مكانة الإعلام، ولم يذكر عنها تدخل فى تسيير القنوات الخاصة أو توجيه المواقع الإلكترونية، ولم تصادر صحيفة منذ انتخاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى رئيسا للجمهورية 2019.
كما تعهدت برفع المخصصات الموجهة للإعلام وتمهين الحقل، وتعزيز الشفافية فيه، وتكوين الصحفيين، وتطبيق ما أقتنعوا به من مخرجات للتشاور الذى قادته لجنة إصلاح القطاع، والتى تعتبر أول لجنة ذات تأثير شكلها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى، ضمن مساعيه الرامية إلى الوفاء بالتزاماته المعلنة عشية ترشحه لللإنتخابات.