قال رئيس التحالف الوطنى و النائب البارز يعقوب ولد أمين إن تمرير مشروع حماية الرموز خيار لامفر منه. واصفا المشروع بأنه خطوة متقدمة ، هدفها الأول حماية الوحدة الوطنية وتعزيز الديمقراطية وترسيخ مفهوم الدولة وتجذير المؤسسات وتطويرها.
وقال يعقوب ولد أمين فى برنامج " نقاش مفتوح" مع موقع زهرة شنقيط فجر اليوم الأثنين 8 نوفمبر 2021 إن حماية رموز البلد مسؤولية أخلاقية وقانونية يجب وضع الأسس القانونية الكفيلة بتحقيقها، والخروج من منطق الفوضى الخلاقة إلى سعة الدولة ومنطق الحكم المعاصر.
وأستعرض النائب يعقوب ولد أمين نماذج من جنوح أعرق الديمقراطيات فى أوربا وافريقيا إلى وضع تشريعات من شأنها حماية المؤسسات الدستورية والقائمين عليها، وحماية اللحمة الوطنية وضبط حركة المجتمع بشكل يضمن استمرار حرية التعبير بكل مسؤولية وسلامة المجتمع وتماسكه وتحصين رموزه من عبث العابثين.
وذكر ولد أمين خلال النقاش بالمنظومة القانونية المعتمدة بكل الدول العربية والإفريقية من جنوب إفريقيا إلى مصر، مرورا بالسينغال ومجمل دول المغرب العربى والخليج.
وقال ولد أمين فى حديثه للموقع عن أسباب تمرير الحكومة للقانون وتزكية الأغلبية داخل البرلمان له " نحن لسنا بدعا من كل الديمقراطيات فى العالم، خذوا ألمانيا نموذجا ستجدون أن المادة 99 من القانون الجنائي تعاقب من سب الرئيس بالسجن خمسة أشهر إلى خمس سنين، وتعتمد العقوبة ذاتها لمن سب رئيسا أجنبيا وفق أحكام المادة 103، وقد أستفاد بعض الرؤساء الأجانب من هذا الحق، كما هو الحال الآن مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى يحاكم رساما ألمانيا سخر منه، وقد قبل القضاء دعواه، والإجراءات مستمرة بحقه دون اعتراض من المجتمع أو النخية السياسية والإعلامية بالبلد، لأن منطق الديمقراطية يقول ذلك، والقانون صريح فى تجريم سب الرؤساء الأجانب بألمانيا.
وفى تركيا تم تفعيل المواد الخاصة بحماية الرموز الوطنية ومنها الرئيس منذ ٢٠١٩ وهنالك أكثر من 32 ألف دعوى قضائية حركتها النيابة العامة ضد المخالفين، وأحكام عديدة بالسجن، لأن حماية النظام التركى تتطلب المزيد من الصرامة فى وجه المتآمرين عليه، ومن أراد سب رئيس الجمهورية أو المساس بالخطوط الحمراء للأمة التركية عليه تحمل المسؤولية القانونية عن خياراته بكل وضوح.
وفى فرنسا تم تطبيق قانون حماية الرموز منذ 1881 إلى 2013 وقد تعالت الأصوات المطالبة بالعودة إليه بعد موجة الشعبوية الجديدة التى أجتاحت باريس، وخصوصا حراك أصحاب السترات الصفراء .
وقال ولد أمين إن موريتانيا دولة إسلامية ويدرك جميع الساسة والإعلاميين فيها خطورة المس من الأعراض فى الشرع، وحرمة انتهاك الأخلاق العامة داخل المجتمع المسلم، وقدسية حفظ الكليات الخمس، والأعراض منها بعد الدين والنفس.
وعن أسباب القلق لدى الطيف المعارض أو بعضه من تمرير القانون قال النائب يعقوب ولد أمين إن الذين يطالبون بالاكتفاء بالقوانين السابقة، يريدون أن تظل أعراض كبار المسؤولين ومصالح البلد وحرمة المؤسسات ساحة للتفاوض بين ضحية يطعن فى شرفه، ومجرم يوزع السباب والشتائم دون بينة أو دليل، بينما يحول القانون الجديد المسألة برمتها إلى النيابة العامة، بوصفها الراعية لمصالح المجتمع والمسؤولة عن حمايته، ويقطع الطريق أمام الضغوط التى تمارس على المسؤولين من أجل تفادى الدخول فى خصومة مباشرة مع بعض الأفراد.
وتابع ولد أمين قائلا " البعض الآن يراهن على أن الرئيس لن بشكوه للعدالة، وأن الوزير سيعفوا عنه، وأن النائب سيتعفف عن جرجرته أمام القضاء، لكن ماذا عن أسر الضحايا؟ ماذا عن الأطفال الذين يستهدف آبائهم علنا دون دليل؟، ماذا عن سكينة المجتمع ووقاره؟ ماذا عن ضمان جو ملائم للموظف من أجل خدمة بلده دون أن يجعل عرضه دولة بين بعض الغوغاء والمجاهرين بالسوء؟".
ونفى ولد أمين أن يكون لتمرير القانون أي تأثير على الحوار قائلا " لو طرحوه فى الحوار ويمكنهم ذلك، سندافع عنه، لأننا ندرك أن فيه مصلحة البلد، ومقتنعون بأننا ملزمون أخلاقيا بتمرير القانون صونا للوحدة الوطنية ومنعا لأي سلوك من شأنه تقويض الإستقرار أو نسف التجربة الديمقراطية، وندرك أن الحرية مطلوبة والرأي المخالف يجب أن يصان، ولكن الفوضى خطر يتهدد الجميع، والحروب الأهلية التى درمت دولا شقيقة كانت بسبب خروج البعض من ربقة الأخلاق والقانون وتجاهل المجتمع فى البداية للأضرار المصاحبة لذلك، كما وقع فى روندا بشهادة الجميع قبل عقود.
واعتبر ولد أمين أن التهدئة السياسية ومنطق التشاور خيارات لارجعة فيها، ولكن القوانين الضامنة لاستقرار المجتمع وحماية مؤسساته ورموزه لامساومة فيها، وقانون حماية الرموز هذا وقته وهو مطلب لدى قطاع عريض من الشعب، وقرار لدى أغلبية بها أنيط تسيير البلد وحفظ استقراره والسير الحسن لمؤسساته، والمعارضة تدرك أن الأغلبية ستقوم بالواجب ومنه ستستفيد، وتحاول كسب نقاط إعلامية، لكنه كسب مفصول بفعل مافيه من انحياز ضد مصلحة الوطن، وتحريض للغوغاء، وتعرية لظهور المدافعين عن الديمقراطية والحكم الرشيد.
وختم ولد أمين بالقول " هذه ضريبة نحن مستعدون لدفعها، وندرك أن المجتمع يحتاج إليها ولن يدفعنا جنوح البعض للمزايدة من أجل التخلى عن مواقفنا ومواقعنا وسيرنا بالبلد نحن الطريق الأقوم والخط الأسلم لكل ساكنيه".
زهرة شنقيط (نقاش مفتوح)