يسود الانطباع في أوساط المدونين و المحللين هذه الأيام أننا مقبلون على فترة تغيير شامل تطبعها الصرامة و الجدية و العزم على إحقاق الحق لتلافي ما وقع من تأخير في وتيرة تنفيذ المشاريع التنموية و محاربة الفوضى و الفساد المقوضين لجهود التنمية على كل المستويات.
لقد استنفرت مؤسسات الرقابة و من اهم هذه المؤسسات المفتشية العامة للدولة التي اصبحت بمرسوم رئاسي صادر اليوم تابعة لرئاسة الجمهورية ، ثم أصدرت تعليمات بتغيير جوهري لبعض بنود مدونة الصفقات العمومية ، و الوعيد بسحب العقود و تغريم الشركات المخالفة و مراعاة العدالة في منح الصفقات العمومية و إصلاح الادارة لتقريبها من المواطن خدمة للمصلحة العامة للشعب ،و مواجهة الكوارث الطبيعية و مكافحة غلاء الاسعار و ضمان عدالة صارمة في توزيع الدعم النقدي و غيره المقدم للطبقات الهشة .
هذه هي ساحة المعارك المستقبلية التي يرجي من الشباب المخلص و المواطنين ذوي الهمم الوطنية العالية ، و الاحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني ان تقوم بالدور المنوط بها في اطارها ، كل حسب اختصاصه خدمة للّحمة الوطنية و نبذا للمفاهيم البائدة التي أستغلها أعداء الوطن للنيل من وحدة شعبهم خدمة لمصالحهم الشخصية المنحطة.
إننا لسنا بحاجة لاستعراض الأرقام و الإنجازات التي تحققت حتى الآن في نطاق برنامج " تعهداتي " فقد استعرضها الخطاب الأول بإيجاز كبير سواء ما تعلق منها بمكافحة جائحة كوفيد 19 العالمية أو الدعم النقدي و المادي للطبقات الهشة أو مضاعفة أجور الموظفين و المتقاعدين و خلق و ظائف مدرة للدخل ، و بناء مئات الفصول الدراسية و المستوصفات أو اكتتاب آلاف المعلمين و الاساتذة أو فك العزلة عن بعض البلدات المعزولة أو دعم " مدائن التراث " في المجالات التي تحتاجها .
كان بامكان هذه الحصيلة ان تكون أضخم لولا الظروف الدولية القاسية و التقصير في وتيرة تنفيذ المشاريع التنموية التي أشار إليها البيان ، لكن يبدو أن العزم الصارم معقود أكثر من أي وقت مضى على إصلاح الإدارة و تقويم ما أعوج من سلوكها المخل بمصلحة المواطن و الشأن العام .
إن جو الوئام الذي يسود الساحة السياسية قبل التشاور الوطني المرتقب ، يجعل كافة الأحزاب السياسية و الهيئات البرلمانية و منظمات المجتمع المدني مؤهلة لخوض معركة الإصلاح و النهوض بالبلد نحو الانتعاش ثم الإقلاع الاقتصادي ، اذا تغيرت الظروف الدولية التي تشل معدلات النمو المألوفة لأضخم الاقتصادات العالمية.
إن مستقبل بلدنا واعد اذا تضافرت جهود الجميع لإصلاح ما فسد و تقويم ما أعوج و تكريم من أخلص و استقام و معاقبة من أفسد و خان .
و الله الموفق لما فيه مصلحة كافة فئات شعبنا و أمتنا من وحدة و لحمة و عدالة و نمو إقتصادي و رقي ثقافي و حضاري .