حملت الأيام الأخيرة من دجمبر ٢٠٢١ بوادر تحول غير مسبوق فى نظرة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى لأنصاره ورجال حكمه، وإعادة تشكيل محكمة للنخبة العسكرية المحكوم بها، عبر تقديم أهل الثقة، والتجربة، ومراعاة المحاذير المحتملة، وتدوير الضباط بهدوء وعقلانية، لكن مع تغيير جوهرى فى شكل القرارات، وتموقع الأشخاص وإخراجها.
قيادة متجانسة للجيوش الموريتانية من أبرز الضباط الذين عايشو الرئيس وتعاملوا معه خلال فترة تيييره للمؤسسة العسكرية، وإبعاد هادئ لرموز حقبة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز عن دوائر التأثير داخل المؤسسة العسكرية عبر التحييد الايجابي أو ترك التقاعد يأخذ حقه من نخبة جيش، يضم العديد من الضباط أصحاب الرتب العالية ، ليكمل الرجل التغيير الذى بدأه قبل عامين بشكل سلس، عبر اختياره لقائد الأركان ومساعد من بين الضباط غير المنشغلين بالمال أو السياسية، وتعيين ضابط استخبارات رفيع على قيادة المكتب الثانى، والدفع بضابط يجيد التعامل مع الأخطار الخارجية والداخلية وعايشه فى العديد من الجبهات على رأس الجهاز الحساس داخل المؤسسة العسكرية (القوات الجوية)، مع إعادة ترتيب ضباط الحرس والدرك والجمارك وفق الأصول المعمول بها، ضابط رفيع لقيادة القطاع الذى ينتمى إليه دون قفز على الرتب أو تسيير القطاع برجال غيره.
تغييرات سبقت مهرجان المطار أو حشد الخامس والعشرين من دجمبر، حيث ينتظر الشعب ماسيعلن من خطاب داخل المهرجان المذكور، أو ماسيتبعه من إجراءات نوعية فى مجال السياسة والإدارة وتسيير البلد (الحكومة والحزب والجهاز الإداري).
ينشط رموز الحزب وبينهم وزراء سابقون فى حشد الممكن من إجل مهرجان نوعى هو الأول من نوعه منذ انتخاب الرئيس ، وتضاعف منسقية الجمارك أو متقاعدى القطاع الجهد من أجل حشد أكبر قدر ممكن، دعما للرجل الذى أختار أن يمنحهم رسالة ود وتقدير، عبر اختيار أبرز ضباط الجهاز لإدارة القطاع، وإعطاء ثقة أكبر لمن كانوا يخدمون داخل المؤسسة، بدل الدفع بضابط من الجيش او الدرك لقيادة نخبة راشدة، ولها من الأطر الأكفاء مايخولها تسيير ذاتها برجالها.
يراوح ملف العشرية مكانته لدى قضاة التحقيق أو قطب التحقيق المكلف بالفساد، لكن ذلك لم يمنع بعض رموز النظام المشمولين فى الملف من الخروج عن المألوف من سلوك الوزراء السابقين، وحشد أكبر تظاهرة بالعاصمة نواكشوط دعما للرئيس والمهرجان المنتظر.
يدرك الوزير السابق المختار ولد أجاي أن ملفه بيد القضاء لا الرئيس، لذا لايجد غضاضة من دعم رئيسه أختاره وزكاه مع الآلاف من أبناء الشعب فى انتخابات مشهودة، فاصلا بين ملفه الذى ينتظر تقدير القضاة ودعم الرئيس الذى أختار أن ينأى بنفسه عن أي تدخل فى مسار الملف المعروض أمام القضاء، مع منح معاونيه فرصة الدفاع عن أعراضهم أمام جهاز أرتضاه الشعب حكما، وبه أنيط الفصل فى كل القضايا المتعلقة بالدماء أوالأموال أو الأعراض.
فى أحياء الميناء والرياض وعرفات وتفرغ زينه ولكصر وتوجنين ينشط عدد من الوزراء البارزين كالإسكان والزراعة والتهذيب والتعليم العالى ووزير البترول السابق وبعض مدراء المؤسسات العمومية وقادة الوكالات الحكومية وبعض الأمناء العامين (مدير أونسير/ مديرة لادي/ الأمينة العامة لوزارة الداخلية) ويعقد آخرون سلسلة اجتماعات روتينية لتحريك القوة المينائية العاملة، واستغلال ثقة عمال الميناء فى الرئيس والشعور بالرضى عن مجمل قرارات المؤسسة الأخيرة (الميناء) بغية توفير داعمة لمهرجان يراد له أن يكون من أكبر مهرجانات العاصمة نواكشوط.
لكن السؤال الذى يطرح نفسه ويطرحه أكثر من منشغل بتسيير البلد، هو كيف ستكون صبيحة الأثنين بعد مهرجان المطار؟ وأي قرارات يحضر لها الرئيس؟ وهل أزفت لحظة مسح الطاولة أو الدفع باتجاه تغيير عميق داخل الحزب والحكومة والإدارة؟