تعِدُ الحكومة الموريتانية أكثر من مرة وفي مناسبات عديدة بإطلاق خطة استعجالية لمواجهة ارتفاع الأسعار خصوصا المواد الاستهلاكية الضرورية والأعلاف لمعالجة التأثيرات الجسيمة الناتجة محليا عن النقص الكبير المسجل في كميات تهاطل الأمطار خلال فصل الخريف الماضي إضافة إلى التأثيرات الأمنية والاقتصادية الإقليمية والعالمية وما نتج عنها من ارتفاع مهول في الأسعار وشح كبير في مصادر دخل المواطن البسيط ويتأكد ذلك بشكل أخص في المناطق الحدودية الشرقية التي يعتمد غالب السكان فيها بشكل كلي على القطاع الرعوي وعلى التبادلات البينية مع القرى والمدن المالية،
وبالنظر إلى الواقع بتجرد فقد ظلت هذه الوعود التي أطلقتها الحكومة مجرد آمال ينتظرها الأهالي هناك فيطلقون نداء استغاثة تلو الآخر دون وجود ملبّ أو مجيب، وهو ما يفسح المجال لطرح أكثر من استفهام؛ ألا يستحق المواطنون في ظل الأحداث الأخيرة والإقبال القريب على شهر رمضان المبارك أن تُسرّع لهم وتيرة هذا التحرك الاستعجالي والذي صارت الحاجة إليه في هذا الظرف العصيب أكثر من أي وقت مضى؟
أليس لائقاً بالدول وقِيّم المواطنة أن توفر الحكومات الدعم لمواطنيها في كل فترة وآونة لا سيما في فترات الجفاف والأزمات والحروب! ..وبلا شك فإن أي تحرك رسمي جادّ سيكون كفيلا بتوفير كل من المواد الإستهلاكية الضرورية والأعلاف بأسعار مدعومة بل سيمكن من تعميمها ولو بشكل مؤقت طوال هذه الفترة وهذا الظرف، وإن الحاجة الطارئة لسكان المناطق الحدودية الشرقية ذات التأثّر السلبي البالغ بالأحداث المالية لَتحتاج تحركا عاجلا وسريعا لإنقاذ ما يتسنى إنقاذه في ظل هذا الانفجار الأمني والميداني في مالي والذي للأسف من نتائجه السلبية الكثيرة محاصرة المنيمن وبسطاء السكان الذين لا بديل لهم عن موارد ثروتهم الحيوانية المهددة بالهلاك وانعدام المرعى وعودتهم نحو مناطق جرداء تموت بها الماشية موتا بطيئا هذا زيادة على أن اعتماد سكان تلك المناطق الحدودية غذائيا يكون في مجمله على المحاصيل والبذور الزراعية المستوردة من الحواضر والمزارع المالية، فليس إذا هناك من مسوغ لهذا التأخير في البدء بإطلاق الاستراتيجة الاستعجالية المذكورة علها توفر الحد الأدنى من الأمن الغذائي في ظل ما يعيشه العالم من اختلالات وارتباك اقتصادي عالمي جراء الحرب الأوروبية الحالية ناهيك عن تضاعف هذا التحدي على سكان تلك المناطق الشرقية وهم يتجرعون انعكاسات الأزمة المالية الأخيرة ويكتوُون بنارها للأسف وقد تجسد ذلك في ارتقاء بعضهم شهداء في حادثة الغدر الأخيرة إضافة لما سببته تلك الأحداث وتداعياتها من اضطراب وهلع جعل الكثير من المنمّين يضطرون مكرهين لمغادرة المراعي والمساحات المالية التي كانت ولا زالت تمثل الخيار الوحيد المتاح لإنقاذ الماشية من كارثة وشيكة في ظل الجدب الناتج عن ندرة الأمطار الموسم الماضي في عموم البلاد وندرة الأعلاف المستوردة وغلائها..
ومع استمرار إشادة مختلف القطاعات الحكومة بالخطة الاستعجالية هذا الموسم وأهدافها المرسومة متى ياترى سيبدأ تنفيذ تلك الخطة؟
وأي حاجة ستكون لها إن هي لم تأتي في الوضع الراهن حاليا؟!
(*) محمد المختار الطالب النافع / نائب عن مقاطعة الطينطان