الإدارة الإقليمية وتوجيهات الرئيس الأخيرة / سيد أحمد ولد باب

كان كلام رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى عن وضعية الإدارة المحلية أكثر من واضح،  وكانت المعطيات المتوفرة لديه عن أداء المرافق العمومية جد صادمة، وكانت الإجراءات المطلوبة من الإداريين أكثر وضوحا فى اجتماع القصر وتوجيه الوزير الجديد. ولكننا للأسف أمام نخبة غير قادرة على تشخيص الأمور بشكل دقيق،  أو استشراف المخاطر قبل وقوعها والعمل لتفاديها، أو التعامل مع التحديات المطروحة بمنطق الإدارى المكلف بتسيير الأمور نيابة عن الرئيس والحكومة. وإذا تم تشخيص الأمور كما حصل، وحددت نقاط التدخل كما أسلفنا، وألزم كل فرد بالقيام بدوره الذى يحدده القانون والأعراف ، ترى من التخبط ماتقشعر له الأبدان، ومن الجولات الميدانية مايكشف هشاشة المرفق العمومى، وضعف القدرة الشخصية للمسؤول ذاته ، أو قل العجز عن تسيير المرفق المحال إليه.

لم يطلب الرئيس محمد الشيخ الغزوانى من معاونيه أن ينافسوا الباعة المتجولين فى الأسواق، أو يهجروا مكاتبهم للتفرغ لإلتقاط الصور، وحجز مساحة واسعة من البث كل ليلة، بل طالب بتفعيل الإدارة المحلية ، وتقريبها من المواطنين بصدق، ومن تفعيلها إلزام كل مسؤول بالقيام بدوره وتفعيل قطاعه وضبط أموره وحلحلة المشاكل المطروحة لديه، أو رفعها عبر السلم الادارى للجهات المسؤولة عنها، بينما يتولى الوالى تنسيق العمل ومتابعة التقارير ونقاش القضايا المطروحة فى كل قطاع مع القائمين عليه، ورفع التحديات القائمة، و العمل على خلق فرص جديدة لتنمية الجهة التى يدير، وتطوير أداء الكادر البشرى الذى كلف بتنسيق أعماله، وتعزيز الثقة فى المرفق العمومى. دون الحاجة إلى الوقوف على كل مكتب والتقاط الصور مع كل عامل، أو مراجع لبعض الدوائر الحكومية.

لقد أحدث البعض إشكالات فورية باتخاذه لبعض التدابير السريعة دون فهم لواقع الولاية التى يدير (أزمة أسواق الحوض الشرقى)، وأظهر البعض أن تصريحاته حول الكهرباء وتأمين الخدمة للسكان طيلة شهر رمضان كانت متسرعة (الحوض الغربى) ، وغادر البعض المنصب المحال إليه فى أقل من أسبوعين، لأن إرساله أصلا إلى منطقة حدودية مترامية الأطراف دون تخطيط كان ملمحا انتقاميا من المسؤول السابق عنه، أكثر منه تلبية لحاجة مطروحة أو اختيار شخص ليسد فراغا لا يصلح له غيره.

إن الإدارة الإقليمية بحاجة إلى تسيير معقلن أكثر من مظاهر مكررة وجولات استعراضية، وإلزام الولاة بفرز المشاكل وتصنيفها، ووضع خطط واضحة لأي تحرك نحو الجماهير، وحلحلة بعض الأمور لتستثمر لاحقا بشكل مقنع، وفتح نافذة فى جدار الإحباط الذى كرسته سنين الفوضى الماضية، وإشعار المواطن على أرض الواقع بالإهتمام بحاله، وحلحلة بعض أموره العالقة بشكل سريع، وتقريب الخدمات من طالبيها بشكل أكثر إقناعا، كل ذلك أهم من إطلالات يومية تبدأ " بقمنا بهذه الزيارة كما تلاحظون" وتنتهي ب " ورافقه العمدة وقادة التشكيلات العسكرية ورؤساء المصالح الجهوية". وكأن الإدارة ملزمة يوميا بكل تشكيلاتها بترك المكاتب والتجول فى الأسواق والمصالح الخدمية، لإظهار جدية الرئيس فى ماقال ، وهل تحمتل تصريحات الرئيس غير الجدية؟،  أو لدى الوالى أوغيره خيار غير تطبيق ما حث عليه وإلزام الآخرين به؟.

(*) مدير زهرة شنقيط