قال الدكتور حمودى ولد عالى إن الاقتصاد الموريتاني في عمومه إقتصاد ريعي يعتمد في الأساس على التصدير الخام للمواد الأولية من معادن وثروة سمكية إضافة الى كونه اقتصاد ذا هوية زراعية ورعوية،حيث يعيش قرابة ثلثي السكان على القطاع الزراعي والرعوي.
وأضاف خلال حديثه مع موقع زهرة شنقيط بمناسبة الذكرى الثالثة لتولى رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى مقاليد الحكم، وكيف تعامل مع الوضع الاقتصادي بالبلاد، وكيف أثرت الأوضاع الدولية فى المنظومة الإقتصادية المحلية " طبيعة الحال فإن اقتصاد بهذه الخصائص يعتمد على التصدير ويتأثر كثيرا بالتذبذبات السعرية التي تحصل من حين لآخر في الأسواق الدولية سيتأثر فعلا بالأزمات التي هزت العالم (جائحة كورونا وما أوصلت العالم إليه من ركود وشلل اقتصاديين، والحرب الروسية الأوكرانية وماخلفته من أزمات في الطاقة والغذاء..)".
وتابع قائلا " فى هذا السياق تأثر الاقتصاد الموريتاني وتأثرت أهداف السياسات الاقتصادية الحكومية على غرار ما حصل في العالم نتيجة وباء كوفيد19 الذي تسبب في ركود اقتصاد شامل وتوقف حركة المرور (شلل اقتصادي عالمي)، لقد أرتفع الطلب في ظل ندرة العرض، وأرتفعت الأسعار وتفشت البطالة وأرتفعت تكاليف الحياة خاصة بالنسبة للفئات الهشة في المجتمع والفئات معدومة الدخل والمتدنية الدخول كذلك.
واقع صعب أثر على كل المتغيرات الاقتصادية في موريتانيا . واقع اقتصادي جعل الحكومة الموريتانية أمام تحديات كبيرة
فرضت اتخاذ تدابير استثنائية ،فقررت الحكومة تبني مقتضيات الإقتصاد الاجتماعي الرامي إلى اعتماد سياسات اقتصادية هدفها الحد من كلفة المستوى المعيشي في ظل هذه الأزمة،فكانت هنالك إجراءات تستهدف الفئات الهشة تمثلت في توزيعات نقدية على الأسر محدودة الدخل، وفقا لأليات وفنيات مختلفة ، كذلك توفير الدولة للتأمينات صحية وتكفلها بالمرضى وأصحاب الحالات المزمنة وتوفير مستلزمات العلاج".
وقال الدكتور حمود ولد عالى " كل هذه الإجراءات تمت في ظل الحرص على توطين استثمارات تنسجم والهوية الزراعية والرعوية للكثير من الفئات ذات الصلة بالزراعة وتربية الماشية،كذلك قامت الدولة بتعبئة الموارد الذاتية من أجل توفير الميزانية الاستثنائية اللازمة للقيام بدور الدولة الخادمة في الظروف الاستثنائية التي تسبب فيها كوفيد 19 والحرب الروسية الأكرانية".
وخلص إلى القول " إنها تحديات عالمية أربكت حكومات العالم وفرضت مراجعة الأولويات والتوجهات، ومع ذلك كان توجه الحكومة كما أشرت يأخذ في الحسبان الواقع الجديد (حالة الطوارئ العالمية)، وبالتأكيد أن ذلك كان له تأثير على البرامج التي تم الإعلان عنها في فترة رخاء عالمي لايتوقع فيه التحول في اتجاه معارك ضد الأوبئة والحروب".
وقال الدكتور حمودى ولد عالى فى عرضه لتعامل الحكومة مع الأوضاع الدولية الصعبة " عموما كان لجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية تأثير واضح على الاقتصاد الموريتاني، لكن توجيهات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وتنفيذ تعليماته من خلال حكومة معالي الوزير الأول محمد ولد بلال كان لها أثر أيجابي في الحد من تأثير الجائحة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وعواقبها الوخيمة، وهنالك إجراءات أخرى مهمة تمثلت في استصلاح مساحات زراعية وتطوير أدوات الإنتاج الشيئ الذي كان له بالغ الأثر في الرفع من كمية الإنتاج المحل خاصة من مادة الأرز.
وكذلك إقامة العديد من السدود وتهيئة المجال الزراعي في أماكن عديدة من الوطن،من جهة أخرى كان هنالك نجاح كبير تجسد في معالجة المديونية الخارجية للبلد" .
وعن الأولويات الآن قال الدكتور حمود ولد عالى "الأزمات التي عرفها العالم وأربكت الحكومات وخاصة حكومات الدول النامية تؤكد أن السياسات الاقتصادية التي توصي بها وصفات البنك وصندوق النقد الدوليين أثبتت عدم نجاعتها مطلقا، وأثبتت التحديات - التي حصلت بموجب الجائحة وأزمة الغذاء الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية - أن السياسات الاقتصادية الناجعة هي تلك التي تعتمد على التنمية المحلية بالدرجة الأولى وبالذات تلك التي تعتني بتنظيم الصناعات والمنتجات التي لها مستلزمات ومقومات محلية
تدعم التكامل وتعمل على توطين الاستثمارات المحلية وتنمية الدخل المناطقي في كل جزء من الوطن ،ولعل خطاب رئيس الجمهورية خلال زيارته الأخيرة لتامشكط بالحوض الغربي يتنزل في هذا الاتجاه فالزراعة والتنمية المحلية هما الرافعة الحقيقية للاقتصاد الوطني وهما الضامن الواقعي لقيام تنمية وطنية شاملة".
وختم بالقول "الخلاصة أن السنوات الثلاثة هيمنت عليها التحديات العالمية (أزمة كورونا التي ما فتئ العالم يتعافى منها حتى جاءت أزمة الحرب الروسية الأوكرانية وتبعاتها )، وانطلاقا من هذه الحقيقة أعتقد أن أي تحليل اقتصادي موضوعي ومنطقي لايمكنه تجاهل هذ الكوارث العالمية، وفي هذا السياق سأنظر إلى أداء الحكومة ومدى تثمينه من خلال التدابير والإجراءات التي اتخذت لحماية المواطنين و من خلال أداء السياسات المالية بحيث يستمر اقتصاد الدولة في ظل توازنات اقتصادية كبرى، وبخصوص النقطة الأولى لاخلاف في أن الحكومة بادرت أولا بأول باتخاذ مجموعة من التدابير المهمة منها مايتعلق بالإجراءات الاحترازية ومنها مايتعلق بالاستعدادات للمخاطر والتحديات المتنامية،فأ نشئت هيئات حكومية تعمل تحت إشراف ورقابة ومتابعة رئيس الجمهورية،تقوم هذه الهيئات بتوفير الوسائل والمعدات اللازمة للوقاية و للعلاج منها،كذلك
تكثيف حملات الوقاية وإشاعة الثقافة الصحية اللازمة عن طريق مختلف المنابر الدينية والثقافية والاعلامية .
وبخصوص النقطة الثانية أثمن تلك السياسات الاقتصادية ذات البعد الاجتماعي التي كان لها أثر كبير وايجابي لدعم المجتمع والتقليل من وطأة النتائج الكارثية المتوقعة خاصة على الفئات الهشة والفقير والأدنى دخلا.
وفيما يتعلق بالآفاق أقول إن تبني استراتيجات لدعم التكامل القطاعي الغاز المتوقع والمعادن، و تركيز الدولة على تنظيم وتطوير القطاعات الإنتاجية المحلية كالزراعة والتنمية الحيوانية وتبني استيراتيجية لتطوير المنتجات البحرية هو السبيل الأوحد لبناء اقتصاد متكامل غير مشوه،اقتصاد تدعم مخرجاته الأمن الغذائي للمجتمع والدولة، ويساعد في مواجهة التحديات المختلفة ويضمن انتعاشا اقتصاديا منسجما ومقدرات البلد".