عروس الشرق الموريتانى تحبس أنفاسها فى انتظار مهرجانها الأول (*)

تعيش مدينة لعيون (عاصمة الحوض الغربى) على وقع تحضيرات متسارعة تمهيدا لإطلاق النسخة الأولى من مهرجان لعيون الثقافى، بحضور أبرز أطر الولاية، ومنتخبيها، ومثقفيها، وفنانيها، ونخبها الشبابية، ضمن حراك أطلقه بعض شباب المنطقة منذ أسابيع بقيادة المختار ولد أغويزى، نجل القائد العام لجهاز الشرطة الفريق مسغارو ولد سيدى.


 

الملعب البلدى هو المكان الذى أختاره الشباب لإطلاق النسخة الحالية من المهرجان، تحضيرا للحشد المتوقع مع ليلة الرابع من سبتمبر 2022، وهو ملعب يتسع لأكثر من سبعة آلاف شخص.

 

 

​1- طريق كرفور كوبنى

2- طريق البطحة

3- طريق أكراج القديم

4- طريق الجديدة أو الحامية العسكرية المجاورة

 

كما يشكل حلقة وصل بين لعيون المدينة، ومحيطها القريب " دار السلام".

 

داخل الملعب البلدى جرت مجمل منافسات البطولة الجهوية لكرة القدم قبل أسابيع، وبه قلوب الشباب معلقة منذ تدشينه ، بفعل اختياره من قبل العصبة الجهوية لكرة القدم من أجل لعب مباريات العصبة، رغم افتقاده لنجيلة صالحة للعب، طبيعية كانت أو اصطناعية، لكنه يظل الخيار الأمثل للنخب الشبابية الباحثة عن مكان متسع لممارسة الرياضة، أو انعاش السهرات الثقافية، فى ظل تراجع دور دار الشباب القديمة وسط المدينة، وتجاهل القطاع الثقافى لمطالب النخب الشبابية وحقها فى بناء فضاء ثقافى يمكن الركون إليه، فى عالم بات الشباب فيه محور كل الإستراتيجيات الحكومية.

 

لايعرف عن المختار ولد أغويزي أي نشاط سياسى بالمنطقة، رغم الدور الكبير لوالده الفريق مسغارو ولد سيدى فى الحياة السياسية بالولاية خلال السنوات الأخيرة، وقيادته من خلف الستار لأكبر تحالف سياسى بلعيون، والحضور الطاغى لأنصاره وحلفائه بمقاطعة كوبنى المجاورة.

 

غير أن توجه "ولد لغويزي" الإبن إلى الحياة الثقافية والإصرار على إطلاق مبادرة من قبيل تنظيم مهرجان ثقافى بعاصمة الولاية، تم التعامل معه بقبول كبير من نخب المقاطعة والفاعلين فيها، بحكم الركود الذى تعيشه الولاية منذ بعض الوقت، وتراجع دور الحركات السياسية والنخب الثقافية وهجرة الفنانين، وضعف الحضور الإعلامى والثقافى لأبناء الولاية بالداخل خلال العقدين الأخيرين.

 

داخل الملعب أكتملت أو تكاد كل الترتيبات المطلوبة لإطلاق عرس ثقافى بهذا الحجم، وداخل فنادق المدينة ونزلها المترامية تلمس بشكل كبير حجم الإقبال على المهرجان، الذى تم اختيار توقيته بشكل مناسب، فى وقت تعيش فيه لعيون وضواحيها أجمل لحظاتها على الإطلاق، فى ظل خريف واعد، وأرض تمنح الزائر كل مايصبوا إليه من جمال الصورة، وتنوع المشاهد، حيث تتناثر الأشجار على التلال الرملية الواقعة على الشريط الشمالى الشرقى، وتعانق الجبال فيها عنان السماء المبلدة بالغيوم، وتأخذ "لكراير" متسعها فى الجنوب والغرب، مع أودية باتت ظلالها منازل مفتوحة للوافدين والسكان على حد سواء.

 

تمتاز لعيون عن مجمل مدن الداخل بأنها قادرة على استعاب كل الوافدين، بحكم البنية التحتية الجيدة، وبها شبكة كهرباء قادرة على تلبية الطلب المتزايد، وتحسنت فيها خدمة الإنترنت بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، مع وجود أكثر من نزل داخل المدينة وخارجها، ناهيك عن بيوت الكل المفتوحة دون تردد فى وجه أي زائر ينشد الراحة ويتطلع للإقامة فى جو أخوى طيلة أيام المهرجان.

 

لاتعتبر لعيون مجرد مدينة داخلية لدى بعض أبنائها حضور طاغى المشهد العام ، بل هي كشكول يضم كل فئات المجتمع على تنوع ألوانه وألسنته، وفيها تعايشت كل الفئات والأعراف والقبائل منذ تأسيسها قبل استقلال البلاد عن فرنسا.

 

وفى مدينة لعيون أعرق مؤسسات التعليم بموريتانيا ( ثانوية لعيون)، وفيها أول مدرسة لتكوين المعلمين بالشرق الموريتانى، وفيها تتمركز نخب الأمن المكلفة بضمان أمن البلاد وتسيير الجانب الإستعلماتى فى المنطقة ( القيادة الشرقية لجهاز الدرك بالحوضين ولعصابة)، ومنها تراقب المؤسسة العسكرية الشريط الملتهب بالجارة مالى، عبر حامية لعيون الشهيرة.

 

خلال الأشهر الأخيرة أزدانت لعيون بأحد أكثر المكاتب الإعلامية فى الداخل تأثيرا ونقلا للصورة دون رتوش ( مكتب التلفزيون الموريتانى)، ومنها تواصل الوكالة الموريتانية للأنباء إدارة العديد من مناطق الشرق الموريتانى، ومتابعة مايجرى فى المنطقة.

 

وقد شكلت الجامعة الإسلامية بلعيون ومركز ورش أبرز معالم النهضة الثقافية بالمقاطعة، بل المنطقة بالكامل، حيث فتح الباب مشرعا أمام أبناء القرى وآدوابه لتصدر المشهد عبر منفذ خير فتحه ابن المدينة الراحل عليه رحمة الله "أدو ولد سيد الأمين" ورعاه رفاقه من بعده (فرع معهد ورش بلعيون)، وكانت آخر ثماره الصدارة فى الباكولوريا العلمية والإجازة فى القرآن وعلومه من ابن أسرة فقيرة، من أبناء المهمشين، لكنه التحول الذى يرسم بهدوء داخل المنطقة فى وعي السكان دون كثير إضرار باللحمة الوطنية أو مسايرة للعقليات القديمة التى ظلت تحكم المجتمع وتوزعه وفق معطيات ظالمة ومفضولة.

 

 

زهرة شنقيط – لعيون – الحوض الغربى