غرق وزيرة

تسلمت الوزيرة ماتي بنت حمادي مقاليد المجموعة الحضرية بنواكشوط من ابن القبيلة “المارق” أحمد ولد حمزة وسط جدل سياسي واعلامي حول أموال المجموعة الحضرية، ومكاسبها المتوقعة في ظل امكانية انفراج الأزمة بعد أن عادت لبيت الطاعة بقيادة وزير جرب العمل الحكومي لسنوات.

بدت الوزيرة منتشية ومعها عدد من الأنصار والأقارب، وتحركت آليات المجموعة الحضرية يمينا وشمالا، وعقدت دورات متتالية لمجلس مختلف التوجهات، لكنه متجانس بفعل رغبة الإسلاميين في التهدئة مع الرئيسة الجديدة، ودخول التحالف الشعبي عبر بوابة “الصفقة الأهم” إلي مركز صنع القرار بالمجموعة الحضرية ثانيا، خالفا نفسه بنفسه، مع تغيير طفيف في الوجوه أملاه صراع الأجيال داخل الحزب ومطامع الشباب.

استعادت الوزيرة سريعا بعض ماضيها القومي- وقد تكون محقة في ذلك- وبدأت بعض القرارات الجريئة دون روية أو تشاور موسع،وقررت فتح ورشات ناهزت السبعين كما يقول إعلان مناقضة نشرته مطلع ابريل 2014.

وبدأت صورها تأخذ مكانتها في التلفزة الرسمية وبعض وسائل الإعلام الخاصة ضمن تغطيات معوضة في الغالب، وباتت خطب ماتي بنت حمادي ملأ الآذان، وصورها وهي تقاوم الفساد داخل الجهاز الحكومي الحيوي، أو تقارع الأوساخ داخل الأزقة القريبة منها حديث الناس  خلال مايو 2014.

ومع نهاية مايو وتحديدا يوم الخامس والعشرين من مايو، ظهرت الوزيرة أو الرئيسة كما تحب الآن أن تلقب في الملعب الأولمبي بنواكشوط وهي تزاحم وزارة الخارجية في الاحتفال بعيد المنظومة الإفريقية الأضعف علي مر التاريخ (الوحدة الإفريقية)، وأخذ “شباب المجموعة الحضرية” مكانه داخل الملعب الأولمبي مع اختلاف في الأعمار، والحجم، اختلاف الجهة الوافد منها، وإن جمعت بينهم صفة واحدة هي “جدة القميص، واتساخ ما تحته من ثياب” في لعبة تكشف مستوي الاستغلال الذي يقوم به تجار البشر في الكبات لأبناء الفقراء الباحثين عن ألف أوقية مقابل حملة لافتة عريضة أو شعار أي جهة مهما كانت.

غير أن صعود الرئيسة لما يعمر رغم الضجة التي حاولت القيام بها، الفرقعة الإعلامية التي اطلقت يوم الثلاثاء 15 مايو 2014 من ساحة ابن عباس الواقعة علي مرمي حجر من مقر الوزير الأول وأغلب قادة الأركان المهتمين بالسياسة هذه الأيام.

تقول ماتي بنت حمادي إن الحملة الجديدة تهدف إلي تغيير العقليات واضفاء صبغة عصرية علي العاصمة نواكشوط،ونزع القمامة من واجهات المحال الخصوصية أو المؤسسات العمومية.

حددت الوزيرة شهرا كاملا لحملته الجديدة التي قررت القيام بها علي  ثلاث مراحل.

وقالت الوزيرة في خطابه الشهير بساحة ابن عباس صحبة الوالي المقال إن الحملة مفتوحة للتطوع والتبرع من كافة الفاعلين الجمعويين من منظمات مجتمع مدني، وهيئات، ورجال أعمال،كما دعت أهل الرأي وأئمة المساجد وأساتذة الجامعات للمساهمة في التوعية بأهمية حملة النظافة، مؤكدة على أن الحملة تستهدف تغيير العقليات والمسلكيات الضارة، بهدف المحافظة على النظافة بشكل عام، مستشهدة بالحديث الشريف:” … وإماطة الأذى عن الطريق صدقة”.

كما طالبت الشباب، والفاعلين السياسيين، بالانخراط في الحملة بالتوعية والتحسيس بهدف مرافقة المجموعة في حملة النظافة ، حي حي وبيت بيت، وشارع شارع.

مؤكدة على أن الحملة سترافقها بعد شهر عمليات رقابة شديدة، مطالبة الإعلام بلعب دوره في توعية المواطنين، وإعطاء صورة عن الوضع الحالي وما ستكون عليه العملية بعد شهر، كما أكدت على أن المتابعة والتقويم مسؤولية الجميع.

كانت شركة النظافة الفرنسية “بيزيرنو” أول المتطوعين، فقد تركت العاصمة تغرق في الأوساخ لتري ماتي بنت حمادي أن القفز علي الحبال في موريتانيا يحتاج إلي لاعب صاحب خبرة وتجربة.

بدت الوزيرة في ورطة، فلغة الرسائل الصادرة منها لما تقرأ جيدا من الفرنسيين والمتعاونين معهم بموريتانيا.. سمعنا في زهرة شنقيط أن اللغة الفرنسية هي المعمول بها في شركة النظافة، وأن حروف بنت حمادي المكتوب بالعربية – علي عظمتها- لم تستوعب جيدا في أروقة صنع القرار بالشركة الممسكة بتلابيب النظافة في العاصمة منذ حكم العقيد المكروه حاليا من قبل القصر الرئيس السابق للبلاد اعل ولد محمد فال.

لقد بدت الشركة الفرنسية في حالة غير مستقرة ، تعلق أنشطتها وتعود دون تشاور، لقد أساءت إلي الحكومة باتهامها علنا بعدم تسديد المستحقات المترتبة عليها (طول أظهر)، وخفضت من نسبة أرقام الرئيس المعلنة في كل جلسة حوارية، ففائض الخزينة علي ما يبدو صنع بالتحايل علي الدائنين.

يقول ولد عبد العزيز إن الدولة الموريتانية غير مدينة بأي فلس. لايهتم المواطن العادي بقروض الكويتيين الإماراتيين والصينيين والسعوديين، وما إذا كانت ديونا واجبة التسديد أو رشاوي مدفوعة الثمن، لكن صراخ الشركة الفرنسة وهي تطالب بأربعة مليارات أوقية أو مليارين علي زعم وزارة المالية أمر مخجل.. هل تصور الرئيس ومساعدوه أن الفرنسيين بموريتانيا يعملون لوجه الله؟!

بدت ماتي بنت حمادي في حيرة أو هكذا يخيل إلينا معاشر المستضعفين، لقد توارت خلف رفوف الأرشيف المبعثر، واختفت من وسائل الإعلام العامة والخاصة، لم نعد نشاهدها كثيرا، إلا في حالة “غادر” أو “استقبل” فجر اليوم في مطار نواكشوط .. ربما تغيرت الأولويات أو أحست الوزيرة بثقل المسؤولية بعد أن باتت نظافة العاصمة اليوم بيد المجموعة الحضرية في انتظار العثور علي “مولود” صيني قابل للعيش في موريتانيا يمكن أن تحال إليه المهمة بعمولات مقبولة أو تفاهمات خارج النصوص.

فشلت الوزيرة في أول اختبار أم لم تفشل .. غير مهم .. نتمني لها النجاح ونشك في امكانية ذلك.. لن ماندركه أن المدة التي حددت انتهت والعاصمة غير نظيفة ووجهها لما يتغير.. ودورنا سنلعبه – كما طالبت بذلك- تنبيها علي التقصير وضعف المنجز.

كدنا ننسي معالي الوزيرة.. الحمير لا تزال تتبختر في شوارعنا، والماعز لما يرتدع، والنفايات أزكمت أنوف المواطنين .. شكرا .. قد يكون الضعف بداية خير، وقد تكون المدة الماضية كافية لكشف مستوي الكفاءة.. ظلمت نفسك أو ظلموك .. معسكر واحد .. حددوا الظالم وابلغونا يرحكم الله.

معك سنكتب العربية، وسنعشقها حد الهيام.. لكن احملي الأوساخ أو ارحلي .. القرارات الفاشلة تقرأ بأي لغة كتبت، والناس في الغالب لايتطلعون إلي معرفة اللغة التي كتبت بها مناقصة المشروع، بقدر ما يهتمون بالمشروع ذاته.

خاص – زهرة شنقيط