حين كلفني حزب الإنصاف بمهمتي الأولى في الولايات المتحدة الأميركية تراءت أمامي جسامة التحدي الذي ينتظرني حتى بدأ القلق يتسلل خلسة إلي .
الجالية الموريتانية التي يُقدّر عددها ببضعة آلاف تتوزع على أطراف القارة الكبيرة،من شرقها لغربها وجنوبها لشمالها . كنت زرت باريس قبل ذلك بقليل في مهمة مماثلة لكن أميركا تأبى إلا أن تكون مختلفة في كل شيئ.
من الطبيعي أن أكون مدركا لحجم مشاغل الناس هنا ووعيهم بضرورة استغلال وقتهم الثمين إضافة لتباعد المسافات وقد شكل ذلك تحديا كبيرا لي.
لكني تفاجأت حد الدهشة بحجم اهتمام جاليتنا بهذه الانتخابات التي شرعوا في التحضير لها مبكرا بأساليب ديمقراطية مستوحاة من أجواء المواسم السياسية في الانتخابات الأميركية مع فارق معتبر طبعا.
من نيويورك المدينة التي لاتنام أخذت الرحلة المتوجهة لمدينة سينسيناتي لحضور مهرجان نظمته خلية حزب الإنصاف وكان حوالي 15 شخصا أعلنوا رغبتهم في الفوز بنيل بطاقة ترشيح حزب الإنصاف للتنافس على مقعد نائب برلماني عن دائرة أميركا الشمالية.
كان المتنافسون دخلوا فيما يشبه سباقا تمهيديا داخليا على طريقتهم الخاصة وقد بدأ بعضهم في الانسحاب لصالح البعض الاخر.
كانت الأيام القليلة التي مكثت هناك والزيارات الميدانية التي قمت بها انا ونائبي جيا عمار إلى جانب معالي السيد سيدي احمد ولد محمد وزير الإسكان الأمين التنفيذي لحزب الانصاف المكلف بالموريتانيين في الخارج كفيلة برسم صورة واضحة عن موازين القوى للمتنافسين على ترشيح الحزب.
كما أن مواكبة عمليات تسجيل الناخبين التي أطلقتها اللجنة المستقلة للانتخابات تزامنا مع زيارتنا،ساهمت هي الأخرى في تحديد مناطق الثقل الانتخابي للجالية الموريتانية وتحديدا في الوسط الغربي.
كان لافتا أن حزب الإنصاف هو الوحيد الذي قام بما يشبه انتخابات تمهيدية داخلية بين اربعة عشر متنافسا انتهت باختيار مرشح واحد وخلف له بعد عملية تدقيق وتمحيص خضعت لمعايير ديمقراطية واضحة مما تسبب في تأخر اختيار المرشح.
في حين اكتفت أحزاب المعارضة بإعلان مرشحيها دون المرور على هذه الخطوة الهامة في العرف الديمقراطي.
كما أنه بمجرد إعلان حزب الإنصاف عن مرشحه ونائبه سارع بقية المتنافسين لتهنئتهما وإعلان التزامهم الكامل بالانضباط الحزبي في صورة عكست حجم الوعي بمفهوم التنافس السياسي الشريف والإيجابي داخل الحزب الواحد عملاً بميثاق الشرف الذي وقعه المترشحون الاربعة عشر.
التجربة الموريتانية في أميركا كانت ناجحة بل إنها عززت لدي الأمل في انعكاسها مستقبلا على شكل التعاطي مع المواسم السياسية داخل البلد، بحيث يكون الاعتبار في التنافس على المقاعد الانتخابية للمصلحة العليا أكثر من التطلع لتحقيق مصالح شخصية . وكذلك يكون الاعتماد على البرامج الانتخابية لإقناع الناخبين أكثر من الوسائل التقليدية التي يفترض أن تكون باتت متجاوزة.
النائب المختار ولد أخليفة رئيس خلية حزب الانصاف المكلفة بالموريتانيين في الخارج