نشر الإداري المالي والخبير في المالية العمومية محمد الأمين ولد المعلوم، مقالا حول أهمية الرقابة المالية، ودورها في حفظ المالي العمومية، موضحا مراحل اعتمادها في المالية العمومية.
وجرد ولد المعلوم، وهو مراقب مالي لوزارة الإسكان منذ 3 أعوام، الترسانة القانونية الناظمة للرقابة المالية في بلادنا. وخلص إلى القول إن هناك ضرورة لاستمرار جهود الرقابة القبلية حتى تتكامل مع الرقابة البعدية التي شهدت تحسنا في الفترة الأخيرة.
وإليكم نص المقال:
إن مما لا شك فيه أن الرقابة على أموال الدولة تلعب دورا مهما في تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي المطلوب، وفي ظل البحث عن تحسين أداء المالية العامة والتخفيف من آثار الأزمات المالية التي عانت منها الجمهورية الإسلامية الموريتانية اتخذت مجموعة من التدابير المالية من أجل عقلنة النفقات العمومية وترشيدها، حيث قامت بفرض رقابة قبلية على مالية القطاعات الوزارية بشكل مباشر من طرف ما يعرف بالمراقب المالي، الذي يعتبر جهازا رقابيا فعالا على التدابير المالية، ومساهمته في التأكد من احترام القوانين والأنظمة في صرف النفقات العمومية، و مراقبة الأعمال و التصرفات المالية قبل وقوعها، للتأكد من أنها أنجزت بأكبر قدر ممكن من الدقة والرشادة.
وفي سبيل ذلك ارتينا من خلال كتابة هذا (المقال) استيضاح أهمية الموضوع للوقوف الفعلي على الدور الذي يقوم به المراقب المالي على مستوى الوزارة فيما يخص ترشيد النفقات العمومية. والحقيقية أن للمراقب المالي دور كبير ومحوري في ترشيد النفقات العمومية على مستوى القطاع الوزاري، ويتضح ذلك من خلال الترسانة القانونية المسيرة لعمله خصوصا إذا ما تم تفعيلها وتطبيق مقتضياتها.
من هذه الترسانة نذكر المرسوم رقم 2005 – 023 الصادر بتاريخ 13 مارس 2005 المتعلق باستحداث رقابة مالية لدى الوزارات.
هذا المرسوم يتكون من ستة فصول تشمل مجال تدخله وشروط تعيينه، المهام المنوطة به، وطرق تدخله كذلك، ومعايير الرقابة، وطرق التطبيق (المادة 13)، وللأسف لم يتم بعد تفعيلها على الأقل بالكامل، وأخيرا أحكام مختلفة وانتقالية.
وبعد أن أثبت نظام الميزانية العمومية المتبع ردحا من الزمن ضعفه في مسايرة التطورات والتحولات الاقتصادية والمالية، و في إطار البحث عن إصلاحه، ووجوب التحول من ميزانية الوسائل والبنود إلى ميزانية البرامج و النتائج، الأمر الذي استدعى من الدولة الموريتانية لتفعيل قانونها العضوي المتعلق بقوانين المالية (قانون نظامي رقم 2018-039 يلغي و يحل محل القانون 78-011 بتاريخ يناير 1978، المتضمن القانون النظامي المتعلق بقوانين المالية) وتحيين نظامها المالي والمحاسبي (المرسوم رقم 186-2019 المتضمن النظام العام لتسيير الميزانية والمحاسبة العمومية) ليصبح قائما على أساس معايير دولية بحثا عن الكفاءة و الفعالية لتسيير الأموال العمومية.
يتناول هذا المرسوم أيضا الرقابة المالية للقطاعات الوزارية في الفصل الخامس (الصفحة 29): المراقبون الماليون من الباب الأول: تنظيم تسيير الميزانية والمحاسبة من الجزء الثاني: الإدارة المالية والمحاسبية للدولة.
محتوي هذا المرسوم رغم حداثته، وخاصة المتعلق منه بالمراقبين الماليين، يكاد يتطابق مع محتوى المرسوم المنشئ للرقابة المالية المذكور آنفا.
بهذه الحروف نكون قد أشرنا إلى أهمية الرقابة المالية القبلية في حفظ الأموال العمومية ومنع التبذير والاختلاس وتخفيف العبء على الرقابة البعدية بأنواعها المختلفة، هذا إذا ما تم إعطاؤها العناية اللازمة وكذلك تطبيق وتفعيل الترسانة القانونية المسيرة لها.
ولكي تتحقق رقابة أداء فعالة يلزم أن تتوفر فيها مجموعة من المتطلبات والشروط الكفيلة بتطبيقها سليمة ومن أهمها نجد:
1- ضرورة أن تكفل النصوص القانونية استقلالية رقابة الأداء مع ضمان الاستقلال للهيئات التي تمارسها وتوفير المؤيدات لتنفيذها.
2- استخدام الأساليب الحديثة عند إعداد الميزانية العامة للدولة كميزانية البرامج والأداء، وميزانية النتائج.
3- ضرورية وضوح الأهداف وسلامة عنصر التخطيط وإعداد نظام الميزانيات وفقا لأسلوب البرامج والأداء، مع تبويب الهيكل التنظيمي للمؤسسات حتى يسهل تحديد الأدوار وتوضيح المسؤوليات.
4- ضرورة وضع ميزانية تقديرية من الجهاز الأعلى للرقابة بنفسه وتكليف رئيسه بوضع التقديرات والاعتمادات لتلك الميزانية ومنحه سلطة تعديلها واستخدامها.
وأعتقد أن استمرار العمل على تفعيل الأدوار المهمة للرقابة المالية القلبية، والنفس الجديد للرقابة البعدية المتمثلة في بعثات التفتيش التي انتظمت معظم القطاعات الوزارية، سيكون له كبير الأثر الإيجابي على منظومة التسيير الوطنية.
محمد الأمين ولد المعلوم
إداري مالي وخبير في المالية العمومية