إن المراقب للإنتخابات البلدية و النيابية و الجهوية في البلاد 2023، يدرك من نظرته الأولى، أن هنالك مميزان بارزان و هما: (ضعف اللجنة المستقلة و فتور المعارضة الديمقراطية).
و هذا ما جعل أحزاب الأغلبية الداعمة لبرنامج فخامة رئيس الجمهورية، تلعب في بعض الأحيان دور المعارضة، و جعل العملية الإنتخابية تشوبها بعض الخروقات.
لقد تحدث الكثيرون، عن ضعف الوسائل اللوجستية للجنة و نقص الجاهزية لتنظيم إنتخابات وطنية يصوت فيها المواطن على ست أوراق، و لعشرات اللوائح في بعض الأحيان.
لكننا لن ننس و نحن نخوض أول إنتخابات بلدية و نيابية و جهوية، في نظام جديد، ظاهرة فتور المعارضة أو حتى غيابها.
فالمعارضة خرجت من النظام السابق مرهقة، و فقدت قادة منها بارزين لصالح النظام الحالي، حتى أصبحت الحالة السياسة العامة تقتضي من النظام خطابا ديمقراطيا متلهفا لشحنة معارضة جديدة، تمنح السياسة جاذبيتها و تنافسيتها.
لقد ظن البعض أن ظاهرة المغاضبين التي شكلت حركة شد و جذب بين حزب الإنصاف و الأغلبية الداعمة للرئيس، كفيلة بإعادة الشحنة المفقودة في المعارضة، متجاهلين أنها مجرد إختلافات في طيف سياسي يجمعه بيت واحد ، و لا يحتاج إلا ترميما بسيطا، و لا علاقة له بتلك الفجوة الحادة في المعارضة التي تحتاج حراكا فعالا، يخلق قادة جدد للمعارضة التي تعاني من ضعف حاد في بنيتها.
و لعل المعارضة اليوم تحاول أن تفرغ بعض مظاهر ضعفها في ضعف اللجنة المستقلة للانتخابات، تلك اللجنة التي تشكلت دون إحتجاج يذكر منها، بل بمشاركتها و على مرأى و مسمع من كافة أطرافها.
إذن هما ضعفان جعلا مخرجات العملية الإنتخابية تخرج بشكلها الحالي، و عكسا صورة واقعية لحالة سياسية تحتاج وهجا ديمقراطيا، و حماسا و تجاذبا ذهب مع إنطفاء حرقة حراك معارض راديكالي كان له الدور الأساسي في إحياء التنافس، و إضفاء لمسة رقابة قوية و فعالة.
و لعل الصورة الحالية تجعل المعارضة تخطط من جديد، لإنطلاقة أكثر تفاعلا، تصنع خطابا معارضا أكثر شدة، و تدخل به المنافسات الرئاسية بخطة محكمة تعيد لها شيئا من شحنتها المفقودة.