تواصل بين فرضية التراجع وحتمية التقدم / النائب اسلكو ولد أبهاه

مساء أمس الاثنين كان آخر أجل لتقديم طعون الشوط الأول في انتخابات الثالث عشر من مايو المنصرم بالنسبة للجهات، ومن قبل ذلك انقضت فترات طعون النيابيات و البلديات، وقد حرص تواصل على أن يودع طعونه المتسلحة بالأدلة والبراهين الدامغة واضعا الكرة في مرمى السلطة القضائية ممثلة في المحكمة العليا والمجلس الدستوري، وفي انتظار أن تقول المؤسستان كلمتهما الفصل في الأمر أرى ثمة فرصة سانحة لأهل تواصل ليسألوا سؤالا صادقا هل كان بالإمكان أحسن من ما كان؟ وهل ربح أو خسر الحزب في الانتخابات؟ وهل كان قرار المشاركة في الانتخابات قرارا صائبا أم أنه كان من الأفضل للحزب مقاطعة الانتخابات في ظل العديد من الملاحظات التي لاحظ الحزب وسجل ؟ وأيهما أقوى: تواصل قبل الانتخابات، أم تواصل بعد الانتخابات؟ وهل صدقت التكهنات والتنبؤات التي سبقت الانتخابات وأوحت بأن الحزب في طريقه لفقد الزعامة السياسية للمعارضة الموريتانية..؟

تعيدنا هذه الأسئلة المتداخلة لأشهر سابقة وتفرض علينا إرجاع عداد الزمن حينا من الدهر لنقف على ما قبل الانتخابات ونتذكر ونسجل.

تواصل والسبع المثبطات
سمع أهل تواصل قبل هذه الانتخابات أحاديث غير ودية كثيرة من خصوم ومنافسين وحيادبين وسذج مغفلين ولم يك وضع تواصل الداخلي في أحسن أوقاته خلال الفترة المنصرمة، ودارت هنا وهنالك أحاديث غير بريئة تتحدث عن مستقبل غير ناصع البياض للحزب الذي قاد زعامة المعارضة لفترتين متتاليتين وحافظ على الترتيب الثاني بين الأحزاب الموريتانية ( معارضة كانت أو موالية ) خلال هاتين الفترتين، وقد برر أولئك على اختلاف مشاربهم النكسة المنتظرة لتواصل بالسبع الآتيات:

1- دافع كثر ممن توقعوا انتكاسة كبيرة لحزب تواصل في الانتخابات الماضية عن حجتهم بواقع وحال الأحزاب ذات التوجه الإسلامي في المنطقة والإقليم، فالسودان الذي ظلت تحكمه حكومة إسلامية بزعم هؤلاء صعد العسكر مرة أخرى لدفة الحكم فيه، وتونس الخضراء أحكم قيس سعيد القبضة على مقاليد السلطة بها وأحكم خناق النهضة وأخواتها، والتجربة المغربية التي ظلت ردحا من الزمن ملهما لتواصل وذات صلة به، هوت بها صروف النوى إلى قاع سحيق انهار فيه عدد النواب من فوق المائة إلى قرابة العشرة ، أما مصر السيسي وليبا حفتر فحديث آخر ، وقد توقع أصحاب هذا الطرح لتواصل نائبا ونائبة.

2- عرفت السنوات الأولى لحكم الرئيس غزواني تهدئة وتعقلا في الخطاب المعارض، وقد نال تواصل من سهام النقد لتعقل خطابه وعدم غلوائيته مالم ينل حزبا آخر من أحزاب المعارضة، فغدا كثر -منهم شامتون ومنهم ناقمون ومنهم متربصون ومنهم دون ذلك- طرائق قددا يدللون على أن تواصل نال الحظوة في السابق بسبب خطابه المعارض القوي، واليوم وقد ذهب النور الذي كان معه فالشعب لا محالة معاقبه ومؤخره، وفي كل الأحول فلن يتبوأ المنزلة الأولى بين أحزاب المعارضة فالمعادلة انقلبت والراية التي كفر بها أهل تواصل قد وكٌل بها قوم آخرون، وموعدنا الصناديق كما قالوا.

3- لعله من غير المعقولية أو الإنصاف القول إن تواصل خلال السنوات المنصرمة أوشك أن تعصف به أزمة داخلية كما يحلوا للبعض القول، لكنه بالمقابل ليس من المعقولية أو الإنصاف القول إن تواصل لم يعش على وقع خلافات داخلية قوية بين العديد من قادته ومنظريه، وهكذا خرجت للعيان لأول مرة تدوينات وملاحظات تنتقد بقوة أداء المجموعة القائدة في سابقة لم تُعرف قط في الحزب الأكثر انضباطا في البلاد، ولم تستطع محاولات داخلية عدة كبح جماح تلك الخلافات ولا السيطرة عليها.. لقد ولٌدت تلك الخلافات نوعا من الإحباط لدي جمهور عريض من محبي ومناصري الحزب لم يعتدها ولم يعشها قبل، وهكذا وجد المتربصون ضالتهم في الأمر وغدا الحديث بشكل مضطرد عن تأسيس حزب جديد على أنقاض تواصل، وعن ذهاب الفريق المغاضب للسلطة، وبالمحصلة فتواصل المتخالف المنقسم على نفسه غير جدير بثقة الناخب، فوداعا لعصر يسود فيه تواصل ويتقدم على أحزاب عريقة استعادت أخيرا رمزيتها ومكانتها وموعدنا معكم –بحسب هؤلاء- يوم الزينة الأكبر.

4- خلصت مقاربات عدة ودراسات متزامنة قامت بها أجهزة محورية داخل المؤسسة الحاكمة في الدولة أيام الرئيس السابق ولد عبد العزيز إلى أن إحدى أهم نقاط قوة تواصل هي القدرة المالية التي يوفرها رجال الأعمال التواصليون بعد أن جُففت منابع الخارج كما تقول تلك الدراسات، وهكذا خلصت لجنة كلفت بالبحث في الموضوع إبان انتخابات 2013 إلى أنه تجب مضايقة رجال الأعمال المنتمين أو المناصرين لحزب تواصل، وقد تم إعداد لوائح للمؤسسات ورجال الأعمال المستهدفين الذين تقرر التركيز عليهم ومضايقتهم من خلال تسليط سيوف الضرائب المجحفة وعرقلة كل الأعمال التجارية وكذا وضع هواتفهم تحت المراقبة مع إرسال رسائل مكثفة من أشخاص من دائرة الحكم تبرز الجزرة وتوفر الوعود المعسولة لمن يترك تواصل ويوليه الدبر، وهكذا وبعد سبع شداد من العمل الدؤوب والمتواصل وجد الحزب أخيرا نفسه من غير رجال أعمال أو مال، ومن غير مقدمات وجد نفسه في ضائقة مالية كبيرة وبدا أن عليه أن يتدبر أمرا لم يكن خطط له من قبل، وظل الأمر يتفاقم ويزيد، لذا كان من الواضح أن الحزب غير جاهز لخوض أي انتخابات بسبب الشح المالي والضائقة المادية خصوصا في ظل ارتفاع فاتورة الانتخابات لحزب يريد المنافسة على معظم أو جل حواضر البلد مترامي الأطراف.

5- كان العام المنصرم (2022 م ) عاما انتخابيا بحق، انتظمت فيه الأحلاف السياسية واصطفت القوى وتمايزت الولاءات حينما بدأت التحضيرات مبكرا لانتخابات مايو المنصرم، لكن تواصل لوحده ظل كما لم يكُ معنيا بالأمر، وحين كانت تنتظم الاجتماعات وتقام التظاهرات الانتخابية بشكل يكاد يكون يوميا كان أهل تواصل يسوون الصفوف الساق بالساق والمنكب بالمنكب تحضيرا للنبئ العظيم الذي هم فيه مختلفون وعلى التحضير له متحدون، فالعام 2022 كان العام الأخير من مأمورية طيب الذكر الفاضل د. محمد محمود ول سيدي الذي أظهر عزوفا مبكرا عن المواصلة في سدة قيادة الحزب بعد انتهاء المأمورية ، ومع تسارع وتيرة التحضير للانتخابات بدا أن جموعا معتبرة من أهل تواصل تطرح بشكل جاد تأجيل المؤتمر الرابع للحزب لما بعد الانتخابات التي أظلت البلاد وأضحت الشغل الشاغل للكبير والصغير، لكن جمعا آخر من أهل الرأي والنهى رأوا غير ذلك وحاججوا بأن البناء الداخلي أولى وأهم، واحترام المأموريات والمواعيد الانتخابية رأس مال الحزب وعنوانه الذي به يفاخر وليس واردا تأجيل المؤتمر، فكان للفريق الأخير الصوت الأعلى والأمضى فترك الناس وراء ظهورهم أمر الانتخابات ونفروا للمؤتمر خفافا وثقالا.

6- كان موضوع التحالف مع قوى المعارضة في الانتخابات الفارطة من القضايا التي آمنت بها القيادة الجديدة لتواصل وبذلت جهودا مقدرة من أجل تسجيل نقاط معتبرة فيها، لكن واقع المعارضة وعدم فهم بعضها لحقيقة حجمه جعل الأمر يستعصي ويراوح مكانه، وظن فريق معتبر من آل تواصل ومن غير تواصل أن مجرد تفكير الحزب في خوض هذه الانتخابات غير متدثر برداء المعارضة من الموبقات السياسية السبع، وهو في المحصلة توقيع على شهادة وفاة الحزب وتحيز يوم الزحف الأكبر، وقد بذل الحزب جهودا معتبرة في الأمر لكنه لم يلق الصدى المناسب لصوته فقرر متكلا على الله وعلى جمهوره عرض نفسه على الناخب ليتبين الخيطَ الأبيضَ من الخيط الأسود، ففغر كثيرون أفواههم؛ فرحا، وترحا، وشفقة، وسخرية..

7- مع وضع اللمسات الأخيرة على موضوع الخروج من ملف التحالفات كان الجدل قد اشتد حول مقاربتي إعادة قيادات الحزب للترشيحات أو مسح الطاولة وتقديم فريق جديد لقبة البرلمان وبدا واضحا أن القيادة الجديدة تمتلك من الثقة في النفس وفي الفريق الجديد ما جعلها تنحو نحو مسح كامل للطاولة وعرض فريق جديد بالمرة على الناخب الذي ظل يراقب عن كثب كل خطوات القيادة الجديدة التي رأي البعض أن خطوتها تلك تشي بقدر لا بأس به من المراهقة السياسية، فالناخب في هذه البلاد لا يعرف هذ الحزب إلا من خلال قادته الذين صالوا وجالوا في ميادين النضال والتضحية وقدموا نماذج بنت للحزب رصيدا في قلوب الناس وعقولهم وأفئدتهم.

بهذه المثبطات السبع إذا؛ ولج حزب تواصل الانتخابات المنصرمة.. محيط إقليمي ودولي متربص وغير مرحب بأي ذي صلة بالتيار الإسلامي، ومنابع مجففة وظروف مادية صعبة، وصف داخلي عاش سنوات عدة من تباين وجهات النظر والاختلاف بين القادة، وتأخر مميت في التحضير والإجراءات مع انفراد في اللوائح وتعثر في مفاوضات التحالفات، والأدهى من ذلك كله مسح للطاولة وفريق جديد لم تعرف بعضه سوح المنابر والمراكز السياسية القيادية..

وهكذا بدا كما لو أن الرئيس حمادي ولد سيد المختار وهو يسلم القيادي العتيد شيخاني ول بيب مكتبه بالطابق الأول من مقر الحزب صبيحة السابع عشر إبريل المنصرم أياما معدودات قبل موعد انطلاق الحملات الانتخابية ليكون مقرا لإدارة الحملة، بدا كما لو كان يسلم الرجل كرة لهب حارقة..! فما الذي حول النار بردا وسلاما وغير كرة اللهب كرةَ ثلجِ، وجعل تواصل يتصدر المشهد السياسي ويحافظ رغم كل الأنّـات والآهات على المركز الثاني من بين خمسة وعشرين حزبا عرضت نفسها على الشعب الموريتاني ليقول كلمته الفصل فيها؟

تواصل والمبشرات السبع
1- حينما استلم ول سيدي المختار ورفاقه قيادة الحزب مطلع العام الحالي؛ كان الكل يقف "على رؤوس الأصابع" ترقبا وتلهفا للبدء في عملية الاستعداد للانتخابات، لكن الفريق الجديد بدا كما لو لم يكن مكترثا كثيرا لذلك فهو يحمل أجندة أخرى، سيتضح فيما بعد أن الأولوية فيها لاستكمال البناء الداخلي وترتيب الأوراق، وهكذا عكفت لجان عدة على نصوص الحزب تنظيما وتهذيبا وتحديثا حتى نهاية شهر يناير ثم بدا للقيادة الجديدة أن لا بد من سماع صوت الناخب ولو بعدت به الشقة فانتظمت رحلات الحزب تجوب جميع ربوع موريتانيا، ثم حطت الرحال في بلاد العم سام وبأدغال القارة السمراء تسمع من مناضلي الحزب وتناقشهم وتستنطق آراءهم في جهد يتقدمه قادة الحزب رجالا ونساء، فكانت أولى المبشرات باستعداد الناس وترحيبهم بهذه الروح التصالحية المتوثبة القوية، لقد استطاعت القيادة الجديدة بث روح الأمل والحماس من جديد في قلوب مناضلي الحزب، وعاد لتواصل ألقه وقوته وإحساس كل فرد فيه أن الحملة مسؤوليته لوحده، مسؤولية كاملة مادية ومعنوية.. فانطلقت القافلة وردد الجميع معا: "بسم الله مجراها..سبحان الذي سخر لنا هذ وما كنا له مقرنين".

2- آثر تواصل منذ البدء أن يكون واضحا صريحا في اختياراته وأن يعلنها للجميع: نحن حزب مفتوح لكل موريتاني يستوفي شروط الانتساب السهلة، لكن واجهة الحزب ووظائفه الانتخابية ليست للبيع ولا للمساومة ووحدهم أبناء الحزب وقادته ممن أشربت قلوبهم وأذهانهم بأفكار تواصل من سيتبوأ وظائفه الانتخابية، صحيح أن الموسم موسم مغاضبات وصحيح أن الأحزاب في سباق محموم نحو ما يعرف اصطلاحا ب "الناخبين الكبار" الذين يتخذون من الأحزاب مجرد عناوين جالبين معهم شعبيتهم وزادهم ومؤونتهم، وكهذا لم يقدم تواصل في مراكزه الأمامية في النيابيات سوى من أمضوا أزيد من ثمانية حجج، بل وعشرا وأكثر.. فتلقى الناس ذلك بقبول حسن وإكبار لهذ الحزب الذي لا يبيع ولا يشتري.

3- قدم تواصل خطابا واضحا سهلا سلسا مرنا جامعا مانعا في هذه الانتخابات كعادته، لكنه خطاب اتسم هذه المرة بقسط كبير من الواقعية والصراحة والمكاشفة، فآتى ذلك الخطاب أكله واستطاع تواصل دخول أماكن ظل الخصوم يخيلون لأهلها خصاما نكدا بين تواصل وأهلها، ولك أن تأخذ الجالية الموريتانية في الخليج وحدها كمثال على تجاوز تواصل لعراقيل وهمية همٌ خصومه بوضعها أمامه من خلال اصطناع خلاف وهمي واحتكار أبوة مزعومة ووصاية على تلك الشعوب كأن لم تبلغ بعد سن الرشد، لقد قالت جالياتنا في الخارج رأيها بوضوح في تواصل الذي حل كأول حزب في القارة الآسيوية متقدما بفارق مريح عن حزب الإنصاف، كما حل ثانيا بإفريقيا وثالثا في أمريكا، رغم كل التأخير وشح الإمكانات والمضايقات فكانت البشارة الثالثة.

4- وضع كثيرون من محبي الحزب أياديهم على قلوبهم وجلا وهم يقرؤون أسماء مرشحي حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) للبرلمان القادم ممن سيكونون حَمَلةَ راية الحزب وعنوانه المعبٌر عنه تحت قبة البرلمان، فهم جميعهم حديثوا عهد بهذ الأمر وفي الناس من مرَدَ على هذ الخطب وأدمن لغة المحافل واعتلاء صهوات المنابر، لكن أصحاب القلوب الوجلة ما لبث أن نُفث في روعهم أن لا ضير على تواصل فقد بدا في الفريق من التنوع والتمكن والتكامل ما أعاد للقلوب روعها فبدا في الخرجات الإعلامية الأًوٌلِ أنٌ الفريق بخير وأنه يعرف ما يريد، وكانت حِكَمُ أم المؤمنين ومقاربات ول أمباله وشعبيات منت بيديه ونضاليات يحي وحماسيات المرتضى بلسما أضاء للوجلين الطريق وأنبأهم أنهم أمام فريق منسجم متناغم يتحدث ست لغات حية وبعضا من اللغات الوطنية وقدرا من الخبرات والشهادات المتنوعة تنوع أصحابها وتحتل المرأة التواصلية فيه باقتدار الثلث والثلث كثير.

5- علٌمتْ تواصلَ أزماته عبر السنوات الغابرة أهمية أن يتزمل بعباءة هذ المجتمع ويتدثر برداء حب الناس له، فمشروع الحزب مشروع أصيل في هذ المجتمع أفتى له مشايخه وغنى له فنٌانوه وتغنى به وبأمجاده شعراؤه وتفاعلت معه كل طبقاته في آدوابه ولكصور وفي القرى والأرياف كما في المدن الكبرى، لقد تعلم تواصل الدرس جيدا فأحسن اختيار منتخبيه ممن غرسوا الخير في هذ المجتمع فكانوا رواحل تلتف الناس حولها حبا ووفاء وولاء، ولك أن تقارن نتائج الحزب في انتخابات 2018 ونتائجه في الانتخابات المنصرمة مثلا في بلديات الصوفي والواد لبيظ و تيارت ولكصر، لتتبين الصورة أكثر وتفهم عمق الفكرة ودلالتها، وسيظل ترشيح القيادي ول بوكه عن دائرة آسيا عنوانا لأهمية التحام الفتوة مع الريادة في الحزب والقبول في المجتمع، وهو تكتيك أحسن الحزب تدبره وتدبيره فكانت خامس المبشرات.

6- ببسمة واثقة ونظرة خارقة وخطوات محسوبة؛ افتتح القيادي الذي اشتعل رأسه شيبا في هذ المشروع وراكم عشرات سنين الخبرة والتجربة في الإدارة والقيادة الأستاذ شيخان ول بيب جلسة عمله الأولى مع فريق إدارة حملته المكون من تسعة عشر من قيادات وأطر وكوادر الحزب، ولم تمض ساعات حتى سرى الخبر المفرح في صفوف كل أهل تواصل ووصلت تعليمات إدارة الحملة غايتها ومنتهاها، ثم كان مهرجان الافتتاح التاريخي حيث اصطفت قيادات تواصل؛ فعلا ول سييدي المنصة وعلا محمد غلام -الغائب عن منابر الحزب لسنوات عدة- المنبر؛ فدوى صوت التكبير عاليا مدويا، وعاد تواصل سيرته الأولى، ودب في الناس الحماس والنشاط؛ فكانت سادسة المبشرات التي بها فاز تواصل وعلا.

7- أدى شيوع ممارسات مستهجنة ومربكة من قبيل التهجير الانتخابي والاصطفاف القبلي وبيع بطاقات التعريف إلى ارتفاع منسوب الخوف لدى جمع معتبر من قادة تواصل وهم يرون آلاف الناس في كل مكان تُغيٌر ولاءاتهم وهم ينتخبون من لا يعرفون لما لا يعرفون، وبلغت القلوب الحناجر وأوشك أن يظُنٌ بالله ظن السوء، لكن هذ الشعب أبى إلا أن يكون فيه من الوفاء والولاء والإيمان بالفعل الديمقراطي ما يستعصي على البيع والشراء والتهجير والتغيير.. وهكذا صوتت لحزب تواصل لوحده منفردا دون غيره –بحسب موقع سيني- (103.363.000) للائحة النساء وصوت له مثل ذلك في الشباب وقريبا منه للوطنية في زيادة قاربت 30% عن نتائجه الانتخابية قبل خمس سنوات، مع سبع بلديات، وأحد عشر نائبا، إضافة إلى زعامة المعارضة، وأزيد من ثلاث مائة مستشار بلدي، وقرابة الأربعين مستشارا جهويا.. فكانت تلك سابعة المبشرات وختامها المسك الذي سطر به الحزب اسمه في سجل الإنجاز والوفاء والثبات على المبادئ. فهل فهم أهل تواصل وخصوم تواصل الدرس الواضح البين الكبير؟