لم يقبل ابن الشمال العارف بدهاليز السلطة وألاعب السياسة الشيخ ولد أحمد ولد بايه أن يكون مجرد ضابط متقاعد، حاز من الرتب العسكرية المتاح لأمثاله قبل عقدين، أو أكثر ، ومن المناصب العسكرية أرفع منصب فى الجهاز الذى ينتمى إليه ( قيادة جهاز البحرية) بل أكد بما لايدع مجالا للشك قدرته الكبيرة على ضبط أي قطاع يحال إليه وتطوير أي مؤسسة يكلف بها، والخدمة من أي موقع يكلف به، ولو كان مستشار وزير يدرك الوزير ذاته أنه هو المستشار والمعاون، بحكم ثقة الرجل وعلاقته بدوائر صنع القرار ، والقدرة على خلق مساحة تليق برجل خاض أطول تجربة تكوين داخل الجيش وخارجه ، وكانت تربيته السياسية وعقليته التنظيمية وتجربته العسكرية عامل تحصين من الكثير من أمراض المجتمع ، ومصدر إلهام يدفعه لمزيد من التضحية والبذل لصالح بلد قال ذات يوم إن نتاج تكوينه واحتضانه ولامنة لأحد عليه غير الوطن الذى غني بنشيده قبل تغييره وتكون فى مدارسه النظامية ، فهو فى النهاية ابن عامل فقير كان يعيش ذات يوم بولاية آيرس زمور، قبل أن يقودها الابن ذاته من بوابة العمدة والنائب والإطار المنشغل بهموم السكان وسؤال التنمية.
لايحضر الشيخ ولد بايه الأنشطة السياسية ولايحيي المبادرات الداعمة طلبا للتوظيف، ولايحتاج إلى التأكيد على دعم نظام قال ذات يومه إن قائده من أحسن الذين عايشوه فى الداخل والغربة ،وأنه آخر شخص يمكن أن تفكر فى خسارته لأخلاقه وحرصه الشديد على التعامل بالعدل مع الصديق وغير الصديق.
أدار الشيخ ولد بايه خفر السواحل بعد أن أسسها بجدارة وانضباط، وسير وزارة الصيد وهو مجرد مستشار،وأحسن فى تعاطيه مع المجتمع الذى أختاره كعمدة لمدينة أزويرات، وكان نائبا عن المقاطعة بحق، وقاد الجمعية الوطنية بشكل غير مسبوق، وغادر منصبه دون ضجيج أو مغاضبة، وتفرغ للحملة الانتخابية دعما للحزب الذى ينتمي إليه ولبعض الأصدقاء الذين راهنوا على دعمه وهو خارج السلطة ، كما عرفوا دعمه وهو فيها من حيث يمكنه التوجيه والتأثير.
بعد مايو 2023 عاد مجمل أهل السياسة إلى نواكشوط بحثا عن مكان ما داخل الساحة المحلية، بينما غادر رئيس الجمعية الوطنية السابق الشيخ ولد بايه إلى آدرار ، ينشد العيش بين ظلال النخيل ويمارس الرياضة كل صباح ومساء ، تاركا قرع أبواب الرئيس لمن لايعرفهم الرئيس أو لايعرفون بشكل جيد طبيعة الرئيس وتعاطيه مع الأمور ، ورافضا أن يضع نفسه فى موضع المنتظر ، فقد أدي الذى عليه ، وغادر دون إحراج، تاركا الخيار لصاحب القرار الأول والأخير ، فهو أدري بمن يحتاج إليهم فى المرحلة الحالية، وبمن سيدير بهم بعض المرافق العمومية ، ومن سيستعين بهم لاحقا فى تدبير بعض أموره، وقد أثبتت بعض التعيينات الأخيرة أن لأهل الخبرة والتجربة مكانة محفوظة فى ظل حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني .
زهرة شنقيط