برنامج خاص : حلم السكان لمواجهة آثار الجفاف .. فهل تستجيب حكومة ولد بلال؟

تعيش مناطق واسعة من موريتانيا على وقع جفاف هو الأصعب منذ 2011 ، وسط مخاوف من نفوق كبير للثروة الحيوانية، وتداعيات الانهيار المحتمل للقدرة الشرائية، وإرتفاع نسبة الفقر بمناطق واسعة من البلاد، وخصوصا الحوضين وولاية إينشيري.


 

وينتظر الشارع العام ما سيعلنه الوزير الأول فى آخر عرض حكومى يتوقع تقديمه من طرف الحكومة الحالية أمام البرلمان خلال الأيام الأولى من يناير 2024، بعدما أطلت الانتخابات الرئاسية برأسها، وتفاقم الشعور بعجز بعض المكلفين بمهام حكومية عن مواكبة البرنامج الذي تقدم به رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى ، والحراك الذي يقوده الرجل من أجل تغيير أوضاع البلاد، وتوطيد دعائم المؤسسات العمومية، ومحاربة الفساد ورعاته، والدفع باتجاه تنمية مستديمة ، تقود البلاد إلى وضع مغاير لما عاشته من ويلات وتخبط خلال العقود الماضية.

 

ويستذكر الشارع الموريتانى الخطة التى قادها الوزير الأول الأسبق مولاي ولد محمد لغظف 2012، وكيف تعامل بشكل سريع مع التقارير الواردة من الداخل حول مخاطر الجفاف وتداعيات النقص الحاد فى التساقطات المطرية، ليدفع باللجنة الوزارية المختصة إلى الاجتماع نهاية أكتوبر 2011 من أجل إقرار خطة مستعجلة بغية تمريرها فى أول اجتماع للحكومة مطلع نوفمبر، وهو ماتم بالفعل يوم الثالث من نوفمبر 2011.

 

وقد قاد الوزير الأول ساعتها مولاي ولد محمد لغظف خطة حكومية من أربعة محاور لمواجهة الواقع المعقد، وفى الوقت المناسب.

 

حيث أقرت الحكومة فى اجتماع عقد يوم الخميس 3 نوفمبر 2011 أربع نقاط أساسية هي :

 

 

1- توفير الأعلاف بسعر مناسب وبكميات كبيرة

2- توفير آبار جديدة بالمناطق الرعوية

3- توفير المواد الغذائية بأسعار معقولة

4- توفير أدوية للماشية أثناء فصل الصيف

 

وقد أفضت النقاشات داخل البرلمان وخارجه عن إطلاق برنامج حكومى خاص أسمته الحكومة "برنامج أمل 2012" .

 

وفى عرضه أمام الجمعية الوطنية قال الوزير الأول مولاي ولد محمد لغظف إن التطور الأبرز في برنامج أمل 2012 يكمن في سعيه للتدخل المكثف للحد من الخسائر في الثروة الحيوانية إضافة إلى دعم القوة الشرائية للمواطنين المتضررين.

 

وقد مكن البرنامج بالفعل من مساعدة المواطنين الأكثر فقرا، وحد بشكل كبير من الخسائر في الثروة الحيوانية. وقد مول هذا البرنامج من خلال الموارد الوطنية، وكان متميزا في مستوى استجابته للمخاطر والتحديات التي أعد من أجلها، مما حدا بالمواطنين والشركاء الخارجين إلى الإشادة بدوره كما تقول الحكومة الموريتانية وبعض المدافعين عنها.

 

التحكم فى التسيير

 

ويقول الوزير الأول مولاي ولد محمد لغظف فى عرضه أمام الجمعية الوطنية  حول الخطة الحكومية – والذى أثار ضجة من النقاش مع نخبة من النواب المعارضين -  إن الغلاف الإجمالي التقديري للبرنامج كان أربعة وأربعين مليارا من الأوقية، غير أن التنفيذ كلف في المدة المقررة له في البداية،(1 يناير  2012  إلى غاية 31 أغسطس 2012) ما يناهز 21 مليار أوقية.

 

وقالت مصادر مقربة من مفوض الأمن الغذائى الراحل محمد ولد محمدو- عليه رحمة الله-  إن الأمر راجع إلى التحكم في الصفقات والمتابعة الدقيقة للبرنامج وهو ما ممكن من توفير مبلغ معتبر قدره (14) أربعة عشر مليار أوقية، مدعوما بسبعة مليارات أوقية إضافية، لتمديد مكونة الدكاكين حتى 31 ديسمبر 2012.

 

ووصلت الكمية الإجمالية الموزعة من مختلف المواد إلى مائتين وواحد وأربعين ألف طن في 31 أغسطس 2012؛ مثلت المواد الغذائية منها 131 ألف طن.

وكان نصيب الدكاكين التي وصل عددها إلى ألف ومائتي دكان 1200 دكان 110 آلاف (مائة وعشرة آلاف) طن من المنتجات الغذائية (الزيت، السكر، القمح، الأرز...). واستقبلت المخازن القروية للأمن الغذائي 5500 (خمسة آلاف وخمسمائة طن ) من القمح.

 

انتظار المجهول ..

 

ورغم التقييم الصادرة عن وزارة الداخلية منذ أسابيع، وجرس الإنذار الصادر من هيئات محلية مهتمة بحياة السكان فى المناطق الشرقية، والتقارير الواردة من الولاة، لاتزال الخطة الحكومية المحتمل القيام بها مبهمة وغير واضحة المعالم، ولم يصدر أي بيان حولها، ولم تعقد الحكومة أي جلسة لطمأنة الرأي العام حول مسايرتها للوضعية الراهنة، ولم يعرف ملاك الثروة الحيوانية وكبار المهتمين بعملية الإنقاذ المحتملة كيف سيتعامل الوزير الأول محمد ولد بلال مع الوضعية الراهنة؟ وكيف ستتصرف اللجان التابعة له؟

 

ويقول رئيس منتدي آوكار للتنمية والثقافة والإعلام سيد أحمد ولد باب إن سكان المناطق الشرقية يتطلعون إلى اتخاذ حكومة الوزير الأول محمد ولد بلال لعدة تدابير مستعجلة  من أبرزها :

 

1- توفير الأعلاف والقمح بكافة البلديات الريفية (مركز البلدية) بكميات كافية وأسعار مدعومة مع ضمان رقابة صارمة خوفا من وقوع عمليات احتكار أو تلاعب من قبل المشرفين علي العملية.

2- دعم القدرة الذاتية للمنمين من خلال برنامج لتعميق الآبار التقليدية القائمة وإصلاح المضخات المتعطلة بالقري لضمان استقرار الماشية في مواطنها الأصلية ومنع وقوع هجرات قد تنجم عنها مشاكل تقليدية (شجارات ومضايقات ونفوق الماشية بفعل غياب الماء).

3- دعم التعاونيات النسوية من خلال مشاريع مدرة للدخل لضمان وجود سيولة نقدية لشراء المواد الغذائية يمكن استرجاعها من قبل الجهات المقرضة لها بعد انتهاء الأزمة، ولمساعدة المزارعين ممن كانوا يعيشون علي ما يجنون من حقولهم الزراعية وخصوصا في التجمعات الحضرية وآدوابه.

4- توفير أدوية في المراكز الصحية المحلية مع التركيز علي أدوية الأمراض الناجمة عن سوء التغذية وتوفير لقاحات للأطفال والنساء الحوامل خوفا من ظهور أمراض جديدة.

5- التسريع في إصلاح الطرق المتهالكة لضمان استقرار أسعار النقل وخفض تكاليف المواد الغذائية وضمان تزويد السوق المحلية بالمواد الغذائية في الوقت اللازم خوفا من حدوث نقص حاد في تموين الأسواق الشعبية أثناء فصل الصيف.

6- توفير الأمن علي الحدود الموريتانية المالية مع بداية العام حيث يتوقع نزوح آلاف المنمين إليها وقطع الطريق أمام ظهور عصابات إجرامية بالمناطق الرعوية مما قد يهدد أرواح وممتلكات المنمين وذلك من خلال تكثيف دوريات الدرك بالمناطق الحدودية.

7- منع قطع الأشجار وتشديد الإجراءات لضمان سلامة البيئة وعدم السماح للبعض باستغلال انشغال السلطة بالوضع الناجم عن الجفاف لتدمير البيئة وخصوصا الأشجار النادرة.

 

ويري العديد من سكان المناطق المتضررة من الجفاف بأن الوضعية الحالية لاتزال قابلة للتدارك، وأن السكان يدركون فى النهاية بأن رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى سيتخذ القرار المناسب فى وقته، ولن يقبل أن تفرط الحكومة فى حياة الآلاف من مواطنيها، أو التعامل برعونة مع المخاطر القائمة.