في شهر ابريل 2015، سجلت أسعار الحديد الخام في الأسواق العالمية أدنى مستوياتها خلال عشر سنوات عندما هبطت تحت حاجز 50 دولار للطن الواحد. وقد فاجأ هذا الهبوط الحاد جميع الفاعلين والمختصين في القطاع بسبب خسارة سعر الحديد الخام ل 60% من قيمته في سنة ونصف السنة.
وفي مواجهة الهبوط شبه المتواصل للأسعار، واصلت الشركة الوطنية للصناعة والمعادن التي تستغل مناجم الحديد في الشمال الموريتاني تنفيذ سياسة خفض التكاليف التي تبنتها منذ يوليو 2014 من أجل تقليص نفقاتها بشكل كبير. وإدراكا منها بأن خفض التكاليف هو الضمان الوحيد لبقائها في وجه العاصفة التي تضرب قطاع المواد الأولية، قامت هذه الشركة بتعزيز سياستها في هذا المجال بواسطة المصادقة في 2015 على خطة عمل لخفض التكاليف. وترمي هذه الخطة إلى تحقيق خفض بنسبة 25% للنفقات مقارنة ب 2014.
وتتمحور حول محاور عدة هي: تخفيضات في الميزانية، تحسين الإنتاجية والأداء والمردودية، الاقتصاد في استهلاك الطاقة، ترشيد المشتريات، امتصاص المصاريف الثابتة، تخفيض مصاريف المقاربات والمصاريف التجارية، إلخ..
ويقول الإداري المدير العام للشركة السيد محمد عبد الله ولد لوداعه مخاطبا عماله: "إن حجم الأزمة ومستوى التحديات يفرضان على كل واحد منا، مهما كان موقعه ودوره، أن يقوم بالتضحيات الضرورية لحماية هذا التراث الصناعي الرائع الذي تمثله الشركة بالنسبة لموريتانيا ومواصلة نهج تنميته من أجل توريثه للأجيال القادمة. كما يتطلب الوضع كذلك رص الصفوف والانخراط في الاختيارات الإستراتيجية للشركة. وأنا على يقين من أننا سنظل قادرين، كما في الماضي، على رفع التحدي باجتياز الأزمة الحالية بفضل التزام عمالنا ودعم شركائنا".
وأوضح أن الشركة الوطنية للصناعة والمعادن تنتج أكثر من 13 مليون طن سنويا من خامات الحديد التي تنقلها بواسطة أطول قطار في العالم على مسافة تربو عن 500 كيلومتر إلى مينائها المعدني في نواذيبو حيث يتم تصديرها إلى عدد من الزبائن من أهمهم جمهورية الصين الشعبية. وهي تشغل بشكل مباشر 6 آلاف شخص وتساهم بما بين 25% و30% في ميزانية الدولة وتوفر لها الجزء الأكبر من العملة الصعبة.
وتتأهب الشركة حاليا لتدشين مركب معدني كبير قبل نهاية 2015 بعد انتهاء أشغال مشروع "القلب 2" في ازويرات، أكبر المدن الموجودة في منطقة المناجم. ويضم هذا المركب أساسا مصنع إثراء للحديد الخام قدرته السنوية 4 ملايين طن من الخامات المركزة ذات نسبة عالية من الحديد (68,5%). وبفضل مصنع الإثراء الجديد هذا ومشروع منجم جديد على مستوى افديرك (دراسة الجدوائية في مراحلها الأخيرة)، تكون الشركة قد قطعت شوطا كبيرا نحو اجتياز حاجز ال 20 مليون طن في أفق 2018.
ويضم مشروع "القلب 2" كذلك، إلى جانب مسار معالجة المعدن (التكسير، التركيز الجاف، التركيز الرطب، محطة لشحن العربات)، توسعة المنجم الموجود وشبكة مياه طولها 55 كيلومترا. ويوظف المشروع تجربة أكثر من 30 سنة في إثراء خامات الحديد. وهو يندرج في إطار برنامج التنمية والعصرنة للشركة.
استثمار ضخم في قطاع الحديد
لقد استثمرت الشركة الوطنية للصناعة والمعادن خلال السنوات الخمس الأخيرة مبلغا ضخما وصل مجموعه إلى 1,6 مليار دولار 50% منها على نفقاتها الخاصة وتم استخدامه لتغطية شبكة إنتاج الشركة بأكملها: الميناء المعدني، خط السكة الحديدية، شبكات الاتصالات السككية، مركز التكوين، الشبكات الكهربائية، ومكن هذا المشروع التاريخي الذي استفاد من آخر التطورات التكنولوجية في مجال إثراء خامات الحديد من خلق 946 وظيفة مباشرة (مصنع القلب 2 ومكونات شبكة الإنتاج).
وقد أشرفت مجموعة الهندسة الكندية SNC-LAVALIN على خدمات الهندسة وتموين وتسيير بناء هذا المركب الصناعي الكبير الذي يعتبر أكبر مشروع استثمار في تاريخ موريتانيا. وكان الرئيس الموريتاني السيد محمد ولد عبد العزيز قد اطلع في 13 ابريل 2015 على تقدم أشغال إنجاز مختلف مكونات مشروع "القلب 2" في ازويرات. ودعا العمال إلي رص الصفوف من أجل تمكين مؤسستهم من تجاوز الأزمة الحالية المرتبطة بهبوط أسعار خامات الحديد.
-------------------------
* فقرة من تقرير عممته الحكومة الموريتانية عبر اتحاد وكالات الأنباء العربية