قال السفير الموريتاني والناطق باسم الخارجية سابقا باباه سيدي عبد الله إن رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز أضاع فرصة وجوده بالقمة الإفريقية الأمريكية، وارتكب أخطاء كبيرة في خطابه وتصرفاته.
وقال باباه إن الرئيس تعامل مع القمة وكأنها مهرجان شعبي في الشامي أو "بنغو"، وغيب كافة قضايا القارة المهمة، حيث تجاهل في حديثه عن الأمراض التي تفتك بالقارة مرض"الإيبولا" الذي يعتبر أكبر تحدي تواجهه الآن، كما تجاهل غزة والحرب الإسرائيلية عليها،وعجز عن جمع الأفارقة علي بيان إدانة للعدوان.
واعتبر باباه أن المقال الذي نشر الرئيس كان مقالا جيدا، لكن الصحيفة المغمورة أضاعت جهوده.
وهذا نص التدوينة :
لستُ من الذين بهرتْهم رئاسة موريتانيا للاتحاد الأفريقي،لأنني أعرف هامش المناورة المتاح فى مثل هذه الرئاسة، و- أكثر من ذلك - أعرف الظروف الاقليمية التي آل إلينا فيها هذا "التشريف".
لكنّ مالا يُدرٓكُ كله لا يُترٓكُ جله. فرئاستنا للاتحاد الأفريقي صادفت مواعيد قارية وأحداثا دولية جساما أتاحت فرصا ثمينة لم يكن التوفيق حليف رئيسنا فى استغلالها، ولم يُكتٓبْ له شرف المحاولة على الأقل.
ولن أتطرق فى هذه التدوينة إلا إلى القمتين: الأوروبية- الأفريقية (بروكسل ٢و٣ إبريل ٢٠١٤) والأمريكية- الأفريقية (واشنطن ٥ و ٦ اغسطس ٢٠١٤)، ثم الحرب الإسرائيلية الجهنمية على قطاع غزة منذ منتصف يوليو الماضي.
لقد أخلف رئيسنا الموعد فى بروكسل أمام ٦٠ رئيس دولة وأكثر من ٩٠ وفدا من أوروبا وإفريقيا، فلم يحمل خطابه أية أفكار للشراكة بين القارتين، ولا مواقف يسجلها له التاريخ، ولا رؤية حصيفة لحل مشاكل أفريقيا، ولو من وجهة النظر الأوروبية.
أما قمة واشنطن، فقد اختطلت على رئيسنا مع مهرجان انتخابي فى "بنغو" أو " الشامي"، فكان خطابه طويلا ومهلهلا وغير متناسق، يُدركُ المرء -دون عناء كبير- أنه نتاج عملية " لصق ونسخ Copier-coller" غير موفقة.
وحتى عندما تحدث عن الأمراض الفتاكة التي تنخر القارة الأفريقية ، لم يتطرق رئيسنا الى حمى "ايبولا" وهي حديث الساعة فى القارة، وبسبب الخوف من نقل عدْواها إلى بلاد العم سام خضع ضيوف أمريكا من الافارقة للفحص وربما التلقيح.
وغابت عن خطاب رئيسنا أم القضايا: غزة، التي تطحن آلةُ الحرب الإسرائيلية أهلها والعالم يتفرج.
وضاعت على رئيسنا فرصة حشد دعم أفريقي لإخوتنا فى غزة ، يُرغم الرئيس الأمريكي على إدراج الموضوع على جدول الأعمال.
ولو كان رئيسنا بادر إلى الدعوة الى قمة أفريقية استثنائية حول غزة، أو تشاور مع نظراءه حول بيان إدانة للعدوان الاسرائيلي باسم القارة الأفريقية لٓكان اقنٓعٓنا بأنه هو من طرد الوفد الإسرائيلي من قمة "مالابو".
لكن كل إناء بالذي فيه....
وحتى المجاملات الذكية التي هي توابل الخطابات الجامدة غابت عن ذهن رئيسنا أو ذهن من يكتُبون له.
فلو أنه - فى مستهل خطابه- هنأ الرئيس أوباما بعيد ميلاده الذي مرت ذكراه عشية انعقاد القمة لكانت كلماته لقيت استحسانا من مضيفه الذي ظل ينظر إِليه شزرا طيلة خطابه، ويتبادل الابتسامات مع رؤساء آخرين عن بُعد.
ولم يكن المقال الذي "كتبه" رئيسنا فى صحيفة The Huffington Post أفضل من ما سبق.
ولئن كانت فكرة "كتابة" المقال جيدة ومحتواه جيدا كذلك، فإن اختيار هذه الصحيفة لم يكن موفقا،
فمنذ نشره على موقع الصحيفة يوم ٥ اغسطس على الساعة ١١ و٤٧ دقيقة ، لم ينل - حتى كتابة هذه السطور- إلا إعجاب ١٩٠ شخصا أعتقد أنهم موريتانيون، وتمت مشاركته من طرف ٦٠ شخصا على الفيسبوك أغلب ظني أنهم موريتانيون أيضاً.
ولو كان رئيسنا نشر "مكتوبه" فى صحيفة أمريكية أكثر انتشارا ،أو كلف مؤسسة علاقات عامة بالأمر فبعثتْه إلى المشتركين فى خدماتها لكانت النتيجة أفضل.
ولو كان رئيسنا حل ضيفا على أحد برامج الحوارات السياسية الشهيرة ، وما أكثرها فى أمريكا، لكانت النتيجة أفضل، ولا عبرة باللغة.
انها فرص ضاعت على رئيسنا وعلى دبلوماسيتنا، والفرص لا تتكرر، أما محاولة اعلامنا الرسمي تحويل هذه الهفوات والفرص الضائعة الى نجاحات دبلوماسية فهي الغباء بعينه.
حيث لم يعجب به إلا 190 شخص وأغلبهم من موريتانيا.