منذ ما يناهز الخمس سنوات والدولة السورية شعبا وجيشا ومؤسسات تتعرض لحرب إرهابية كونية ممنهجة تم من خلالها فتح حدود جميع الدول الأوربية لتسهيل مرور الإرهابيين من جميع أنحاء العالم في إطار عولمة إرهابية مفضوحة إلى الجمهورية العربية السورية ليعيثوا قتلا وتدميرا وتفجيرا لكل مؤسسات هذا البلد المادية والبشرية مدنية كانت أو عسكرية.
لقد مارس هؤلاء المجرمون كل أنواع الهمجية تحت مرأى ومسمع الجميع ولم نسمع إدانة أو استنكارا من أية جهة رسمية أو حزبية أو إعلامية في الغرب وأذياله وليس هذا فحسب بل كانوا يضفون على أعمال هذه المجاميع الإرهابية الدموية صفة النضال من اجل الحرية والديمقراطية.
لقد شاهدنا بعيون دامعة وقلوب دامية ما حدث في اجتماع كبار قادة أجهزة الدولة السورية العسكرية والأمنية في دمشق وشاهدنا كيف كانت هذه المجاميع الإرهابية تتسلى ويتسلى معها ما يسمى المجتمع الدولي بدماء السوريين ولحوم أجسادهم وهي تتناثر يوميا بفعل إجرام هذه العصابات المغطاة دوليا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الأوروبيون.
أين كانت فرنسا وحلفاءها دعاة (الديمقراطية وحقوق الإنسان)!.. عندما ظهر احد فرسان ديمقراطيتهم ورسالتهم الإنسانية المزعومة إلى سوريا وهو ينتزع قلب جندي سوري ويتبناها أمام الكاميرا بأكله وأسنانه تقطر دماً في صورة من الهمجية والوحشية تعطي رسالة في منتهى البلاغة عن ماهية فلسفة هؤلاء وخروج منظومتهم الوحشية عن كلما يمتٌ للإنسانية بصلة.
أين كانت فرنسا وهي التي تدعي أنها حاملة لرسالة التسامح والمحبة وحرية الاختلاف عندما كانت تقف إلى جانب هذه المجاميع الإرهابية وهي تدكٌ بقذائف حقدها وهمجيتها مدينة معلولة مهبط السيد المسيح عليه السلام وتدمر كنائسها وتسبي راهباتها وتختطف رهبانها وتوزع الخراب والنهب لكل التراث الديني المسيحي والإنساني لهذه المدينة الأثرية.
أين كانت فرنسا عندما كانت هذه المجاميع الإرهابية تنهب تراث البشرية في حلب وإدلب وتدمره في عاصمة التراث الإنساني مدينة تدمر السورية الأثرية.
أين كانت فرنسا وحلفاءها حماة (الديمقراطية وحقوق الإنسان) عندما تحالفوا مع نظام آل سعود الوهابي الموغل في الرجعية والتخلف وتحالفوا مع نظام آل ثان وأردوغان الاخواني ومعروف لديهم ولدى من يفقه في أبجديات السياسة أن هذه الأنظمة هي منبع الإرهاب ومنتجه ومموله ومسلحه ومصدره لتعميم الفوضى والخراب على كامل المعمورة فالإرهاب ماركة خالصة لهذه الأنظمة بلا منازع، وهنا نقول لفرنسا وحلفاءها المنافقون كفانا رقصا على سينفونياتكم الملوثة بدماء الأبرياء.. كفانا رقصا على شعاراتكم المزيفة كالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ونحن نساقُ إلى مذبح الهمجية المنفلتة من كل عِقال تحت رعايتكم وبتمويل وتأطير وتسليح حلفاءكم المتمتعين دولياً بحمايتكم فأنتم تمارسون وبكل وقاحة مهمة القاتل الذي يسير في نعش جنازة ضحيته..
كفاكم استخفافاً بعقولنا كفاكم إمعاناً في استغناءنا أو ألستم أنتم من تحالف مع هذا النوع من الوحوش للقضاء على مؤسسات الدولة السورية والعبث بسلمها الأهلي وإهدار دماء شعبها معتمدين الشعار المكيافيلي "الغاية تبرر الوسيلة" بعد أن عجزتم عن نقل هذه الدولة شعبا وقيادة من موقع المدافع عن حقوق أمتها إلى موقع السائر في ركب أعداء هذه الأمة الذي هو الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وخلفهما الشيطاني المعادي لكل القيّم والمواثيق الإنسانية العادلة.
اشربوا علقم إرهابكم المرتد إلى نحور أبرياءكم بفعل سياساتكم الرعناء، ضللوا شعوبكم من جديد بحملاتكم المسعورة التي تصورون فيها لأغبيائكم أنكم تكافحون الإرهاب وأنتم من ترعونه وتستثمرونه في بلادنا والعالم ضمن مشروعكم الإجرامي الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد فنحن قد شربنا حتى الثمالة من كأس إرهابكم ورقص أغبياؤنا طرباً حتى أصيبوا بالإغماء على خشبة مسرح دعايات إعلامكم المضلل وإعلام حلفائنا الفتنوي وأفقنا على حصاد ثورة حريتكم في ليبيا لنجد إمارات متناثرة على طول البلاد وعرضها تُمارس كامل حريتها وحريتكم في قطع الرؤوس والسبي والسحل ولنجد حرية كاملة للدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية في نهب الثروات الليبية دون رقيب ولا حسيب.
ولنجد العزاء لأنفسنا في سوريا التي ما تزال عصية بفضل وعي شعبها وجيشها وقيادتها على وباء حريتكم المزعومة وإن كانت تكتوي منذ خمس سنوات بخناجر جرائم ثواركم الدواعش ومشتقاتهم من الأسماء والمسميات الموبوءة من قاطعي الرؤوس وآكلي قلوب البشر.
وبعد هذا الغيض من فيض الكأس الذي أسقتنا إياه أمريكا وحلفاءها الأوروبيون وعملاءها اللاهثون وراء خدمة مشاريعها الإرهابية الدموية في منطقتنا والعالم لا يسعنا وجسم أمتنا يقطر دماً من سوريا إلى فلسطين إلى العراق إلى ليبيا إلى اليمن إلى لبنان ومصر، إلا أن نتضامن مع ضحايا شظايا إرهابكم المرتد إلى نحور بسطاء البلاد التي تسيرونها عكس الفلسفة والمثل التي يؤمن بها شعبها والتي ناضل مثقفو فلسفة التنوير من أبناءها في مراحل المد الثوري الإنساني التحرري على أن يجعلوا منها قبلةٓ للأحرار وحوَّلها ساستها الانتهازيون المتحالفون مع اللوبي الصهيوني العالمي الذي أصبح يتحكم في قرارها السياسي، إلى ملاذ للدواعش وأخواتهم وراعٍ لكل الحركات الظلامية المعادية للحضارة الحديثة وقيمها الإنسانية المبنية على المحبة والإخاء والتسامح.
محفوظ ولد اعزيز: الأمين العام للحزب الوحدوي الديمقراطي الاشتراكي الموريتاني