كنت من القلائل الذين حظوا بحضور إنشاء مدينة وبروزها إلى حيز الوجود. فمنذ ما يقارب ثلاث سنوات، كنت ضمن الوفد الذي حضر وضع حجر الأساس لمدينة الشامي.
كانت في ذلك اليوم تهب رياح عاصفة. كأنها، فيما يخيل إلي، تريد ثني أصحاب القرار.
وما زلت أتذكر الخيام المنكسة التي كانت أطرافها تهتز كأن جيشا من الجن يعبث بها علوا وسفلى على رؤوس المدعوين. وكان أصحاب النظارات ينظفونها، والعمائم تتساقط عن رؤوس اصحابه " والدراعات" تتطاير في الهواء.
وكان أحد المسؤولين السامين في وزارة الإسكان والعمران يتفضل بعرض مخطط مدينة المستقبل. وما كان أشبهه بعالم آثار يريد أن يعثر على مدينة قديمة مطمورة عرفت في الماضي ألوانا من الازدهار.
وبعد الخطب الرسمية، قمنا بجولة في موقع المدينة المستقبلية. وغادرناها ونحن واثقون في إرادة الرئيس القوية لكننا غير مطمئنين إلى إمكانية إنجاز المشروع الذي كانت تقف في وجهه عوايق كأداء.
وها أنا اليوم 21 نوفمبر 2015، أمضي ليلة عند النائب الشاب عن المدينة الفتية. حيث كان فريق الشياطين يتراقص، أصبحت ترتفع فيه العمارات الفاخرة. والناس يستيقظون على نداء مؤذن الجامع الكبير.
مدينة تعج بالجزارين الذين يوفرون اللحوم الطازجة وتنتشر فيها الأسواق العامرة، ومما يميزها اتساع شوارعها المزدانة بالأنوار، والمحلات التجارية المفتوحة، وقد تم مد المدينة بشبكات المياه والكهرباء.
مدينة لها بلديتها ولها حاكمها ولها شرطتها التي تؤمنها والدرك يسهر عليها والجيش يراقبها وترتفع فيها أصوات أجراس المدارس إيذانا ببدإ الدروس.
ها هي الشامي أصبحت حقيقة. كانت تكبر ككل مولود، لكنها تكبر بسرعة إيقاع مدينة حديثة. لقد كانت منذ ثلاث سنوات مجرد فكرة طموحة، أما اليوم فأصبحت الشامي حقيقة دامغة .
ها هي الشامي مثلها مثل مطار نواكشوط الدولي. ها هي الشامي مثلها مثل ميناء تانيت. لقد كانت الشامي معركة كبيرة تحقق النصر فيها مثلما تحقق في أم التونسي.
إذا كانت أم التونسي عنوانا على انتصار المقاومة، فإن مطار نواكشوط كانت المعركة الكبرى في زمننا الحديث التي كسبها الرئيس عزيز.
لقد عود عزيز الشعب في مأموريته الأولى على الانتصارات. كان يرقى من نصر إلى نصر.
ولننظر قليلا :
ما ذا عن انتصار الحي الساكن، وما ذا عن معركة الحالة المدنية، وإعادة بناء الجيوش وما ذا عن معركة نقاط الدخول إلى الحدود. وما ذا عن معارك الكزره وبورات وآفطوط الشرقي وأظهر، ومكافحة الفساد والأمية والجوع، والإرهابيين والمتطرفين والمفسدين وما ذا عن معركة مكافحة التصحر.
لقد قدم الرئيس عزيز بفضل الشامي والحي الساكن وبورات وانبيكت لحواش ومطار أم التونسي مثالا رائعا في العمل والصبر والعزم والنجاعة.
فهنيئا أيها الرئيس، وهنيئا على مر الأيام وهنيئا على الدوام.