تَدشين أول مطار عسكري موريتاني خارج العاصمة نواكشوط في قاعدة لَمْرَيَّه العسكرية الجديدة بمنطقة من عمق الصحراء الموريتانية حساسة وحيوية شكلت على مدى العقود الماضية خاصرة موريتانيا الرخوة يبعث الشعور بالفخر والاعتزاز.
أتذكر جيدا أول مرة سمعت فيها عن منطقة "لَمْرَيَّه"، فقد كان ذلك في سنة 1998 حين حدثني عنها المهندس العارف بالله عبد الله ولد محمد سديا رحمه الله تعالى في جلسة معه على ربوة صغيرة في الركن الجنوبي الغربي من حائط عبد الرحيم سك قبالة الجامع العتيق في بتلميت..
حدثني عن جغرافية لمْرَيَّه قائلا إنها أرض منبسطة ذات سطح صلب جدا تحيط بها الرمال "لَعْكَلْ" من كل ناحية يصعب الوصول إليها برا، وتوجد بها مصادرمياه عذبة محقق منها نادرة في المنطقة..
وقال لي إن المنطقة سبق أن جرت فيها عمليات تنقيب عن النفط ومعادن أخرى وتم تشيد مدرج لهبوط الطائرات فيها من طرف شركة سماها لكني نسيت اسمها، واكتشفت فيها مصادر المياه المذكورة..
طبقا لرؤية المهندس عبد الله رحمة الله عليه فإن المؤشرات على وجود معادن في المنطقة المحيطة جيدة، لكن الأوْلى من الناحية الاستراتيجية في الوقت الراهن هو إقامة مركز عسكري في لَمْرَيَّه وإعادة تأهيل مدرج هبوط الطائرات بها واستخراج الماء الشروب منها، فوجود مثل هذا المركز سيتكفل بحماية "شَاكْلَتْ" مورتني حسب تعبيره، ويفتح لها عيونا على الصحراء الكبرى، ويعزز فرص جلب شركات التنقيب عن المعادن إلى المنطقة..
اليوم تفكر موريتانيا استراتيجيا، وتشيد في لَمْرَيَّه قاعدة عسكرية جوية وبرية تظهر مستوى التجهيز الكبير وغير المسبوق الذي أصبحت عليه القوات المسلحة الوطنية، فَـ لله تلك السواعد التي شيدتها..
أثناء متابعتي لوقائع تدشين قاعدة لَمْرَيَّه عبر البث الفضائي الموريتاني، وذاكرتي تسترجع حديث المهندس عبد الله ولد محمد سديا استوقفني دوي ذلك السلاح الفعال في مواجهة مخاطر ما بين السماء والأرض المتمثل في كلمات النشيد الوطني السُّنِّيَّة الطافحة توحيدا وجمالا التي اطلقتها حناجر ضباط وجنود مقاتلينا ليوجهها الأثير في مداءات صحراء لا حدود لها، إلى الأهداف اللا نمطية..
يطيب سماع دوي هذا السلاح، ويتلذذ المغترب بصوته، وعلى وقعه تطيب تهنئة القوات المسلحة في يوم تأسيسها المجيد الموشح بهذا الإنجاز التأسيسي الكبير.
القاضي: أحمد عبد الله المصطفى