تعيش الساحة الثقافة والعلمية بموريتانيا حالة من الترقب الحذر قبل أقبل أسبوعين فقط من انطلاقة مهرجان المدن القديمة بمقاطعة "وادان" ، وسط مخاوف من تعثر التظاهرة السنوية، فى ظل التحضير الضعيف لها من قبل الأجهزة التنفيذية المعنية، رغم الوسائل المادية المرصودة.
وتتطلع النخبة الثقافية إلى تنظيم حدث يرقى إلى المستوي العالمى، بعد أن تحولت بعض النسخ الماضية من حلم يراود صناع القرار، إلى فرصة لتبذير المخصصات من قبل بعض اللجان المركزية، وشغل حيز كبير من الإعلام العمومى أوقات الذروة، واعطاء راحة معوضة للموظفين بجهاز الإدارة، دون تقديم نشاط مفيد أو ممتع أو معبر.
وقد غاب أبرز علماء البلد عن النسخ الأربعة الماضية، ولم تنجح وزارة الثقافة الموريتانية فى كسر الصورة النمطية للمهرجان، وخلت مجمل جلساته من فوائد علمية جديدة أو محاضرات تكشف مستوى التحول الحاصل لدي فقهاء البلد وكبار العلماء فيه، وغيب أبرز الفنانين من المشهد، لصالح الجهة والقرابة، والصوت المزعج، والأغاني الشعبوية غير الهادفة، والرقص الممزوج بقدر من قلة الحياء، دون احترام للمناسبة (عيد المولد النبوي) أو الحشد الحاضر(الرئيس وأعضاء الحكومة والسفراء) أو احترام مشاعر المتابعين عبر شاشة "الموريتانية" لأنشطة مهرجان يفترض فيه تمثيل البلد، والتعبير بصدق عن واقعه الثقافي والأخلاقي غير المزور.
طيلة أربع نسخ من المهرجان لم نسع باسم فرس تميز، أو حمار تألق، أو جمل تهفو إليه الأعين، فكل المسابقات مزورة، ونتائجها معروفة سلفا من قبل لجان التحكيم، ولم يقنع أي فنان بدوره، ولم يتناول الإعلام أغنية تمجد البلد أو تخدم تراثه طيلة المهرجانات السابقة، ولم يتميز شاعر من البلد أو الهند بقصيدة ترتاح لها الأذن، أو تخدم المناسبة على الأقل، بل استعاض البعض عن التجديد بالاختلاس، والمناسبة بأشعار "المناسبة"، والبلد ومجده بحضور الأناني والنظر فى عيون مستمعيه.
إن النسخة الحالية مطالبة بقدر كبير من التركيز والتجديد والعمل من أجل الرقى بالمهرجان إلى مصاف المهرجانات الدولية المقنعة، بدل "تفريخ" الأنشطة لتبرير مذكرات الصرف، وحشو المهرجان بالآلاف من العروض المقززة فى بعض الأحيان.
فهل تكون الوزيرة الجديدة على مستوى التحدي؟
أم "مافيا الثقافة أقوي من عزم الوزيرة ودعوات الرئيس؟
زهرة شنقيط