ينظر التيار الإسلامي فى موريتانيا إلى مسيرة الجمعة المطالبة بفرض الأمن واعادة الاعتبار للمواطنين، باعتبارها أول تحدى يواجه التيار منذ انتخابات المجالس البلدية والتشريعية نوفمبر 2013 والتى نازل فيها بشكل منفرد أحزاب السلطة فى أكثر من 56 دائرة انتخابية بموريتانيا.
فالمسيرة الأولى للمعارضة الموريتانية منذ بياتها الشتوي، قرر تكتل القوى الديمقراطية المعارض مقاطعتها، معللا الأمر بأنها جزء من قرارات غير اجماعية داخل المنتدى، وأن الذين حاولوا اختطاف التشكلة السياسية وجدهم من يجب أن يتحمل المسؤولية المالية والتنظيمية المطلوبة لنشاط ضخم بهذا الحجم، وهو مخرج اعتمده حزب "إيناد" غير الممثل فى البرلمان أو المجالس المحلية، وطلائع قوى التغيير، الموسوم محليا بأنه حزب للنخبة فقط.
ورغم أن التيار الإسلامي لم يتزعم حالة التحدى داخل المنتدي، ولم يدخل فى مواجهة مفتوحة مع حزب التكتل المتردد بشأن الحوار والمقاطعة، ولم يدفع أكثر من غيره باتجاه الحوار مع السلطة، باعتباره أبرز الخاسرين فيه، إلا أن المسؤولية عليه كحزب يمتلك قاعدة شعبية عريضة، ويتصدر قادته المشهد المعارض داخل الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ،تبدو جلية، كما أن الفعل التنفيذي داخل المنتدي أسند إليه خلال الفترة الأخيرة من خلال تكليفه بالأمانة التنفيذية، مع رئاسة شرفية لنقيب المحامين السابق أحمد سالم ولد بوحبيني.
وتواجه حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية (تواصل) عدة عقبات أبرزها :
(1) ضعف التعبئة داخل الساحة السياسية المعارضة، وانشغال جزء كبير منها بالدراسة. كما أن أجواء العيد المخيمة على المشهد داخل العاصمة نواكشوط، تجعل اهتمام أرباب الأسر بالسياسة فى آخر سلم الأولويات إلى إشعار جديد.
(2) غياب الرؤية اللازمة لواقع البلد ومستقبل العملية السياسية لدي أنصار الحزب، وبعض رموزه، فمن أجواء تفاؤل حذر بقرب انفراج الأزمة، واجتماعات مغلقة مع ممثلي السلطة فى القصر إلى النزول للشارع، والتظاهر من أجل واقع شعب لم تستطع صور المجاملة مع وفد الأغلبية التغطية عليه، أو مقتضيات الواقع الصعب للمعارضة إضفاء مسحة من التجاهل عليه.
(3) القلق الأمنى الذي يجتاح العاصمة نواكشوط جراء انتشار جرائم القتل والخطف والاغتصاب والسرقة، مما يجعل من مجرد الدعوة للتظاهر كابوسا يزعج المواطن غير المسيس، ويدعوه للحيطة أكثر مما يشجعه على الخروج، خوفا من انهيار أمن، هو فى الأصل منهار، وتكدير صفو شارع لايتحمل الكثير.
وبغض النظر عن التحديات الكبيرة الماثلة، فإن الساحة الإسلامية تبدو أكثر المعنيين بمسيرة الجمعة، ويبدو الحزب فى ميدان التحدى يصارع من أجل انقاذ نفسه، والظهور بمظهر القوي القادر على المشاركة ان قاطع البعض، والمحاورة إن أراد، والتظاهر ولو بشكل منفرد تلبية لنداء الواقع وحاجة البلد،رغن التكلفة السياسية والمالية والأخلاقية لكل موقف يتخذه فصيل يصارع من اجل البقاء والتأثير فى ساحة ينقص فيها المعارض من أطرافه، وتتسع فيها دوائر الخوف والتأثير ونواقض العمل الديمقراطي بشكل كبير.
سيد أحمد ولد باب / زهرة شنقيط