قالت مصادر حكومية بنواكشوط إن العام الحالى هو الأسوء فى تاريخ الثقافة الموريتانية منذ تخصيص وزارة لها، وإن مجمل المتابعين للتدبير الحكومى يشعرون بالصدمة البالغة جراء انهيار كل المؤسسات التابعة له، واختتام المشهد بإلغاء أهم نشاط فيه.
ويعود المشهد المتأزم بالأساس إلى سلوك الفاعلين فى القطاع، وعجز القائمين عليه عن احتواء كل المشاكل العالقة، وسط مخاوف من تحوله إلى بؤرة للصراع والتجاذبات القبلية والجهوية، فى ظل تفرج الرئيس والوزير الأول على المشهد المتأزم دون تدخل.
وقد بدأت أولى الأزمات فى ابريل 2015 بعد اعلان الشاعر الموريتانى محمد ناجى الإمام الترشح لقيادة اتحاد الكتاب والأدباء فى العاشر من ابريل 2015، ومعارضة التحالف الداعم لمستشار الوزير والأديب محمدو ولد أحظانا لخطوات المكتب التنفيذى للإتحاد واللجوء للقضاء من أجل توقيف الاجراءات المتبعة، وهو ما أدى إلى انقسام الاتحاد إلى نصفين، وتحالف الأدباء فيه على أساس قبلى وجهوي فى بعض الأحياء.
وقد عجز القطاع عن احتواء الأزمة لحد الساعة، حيث لايزال التمثيل فى مجمل الأنشطة الداخلية والخارجية لمحاصصة غريبة، ولاتزال حملات التنقية قابلة لتفجير الإتفاق الهش الذي ابرموه بعد رحلة طويلة بين المحاكم والوزارة.
وفى الخامس عشر من يونيو 2015 انهار التحالف الذى نسجته المصالح المشتركة بين الفنانين، وقاطعت عدة أسر فنية بارزة فى الساحة المؤتمر الذي عقد بنواكشوط واتهمت أقلية بمحاولة اختطاف الاتحاد، لينهار الإطار الذى كان يجمع أبرز الأسر الفنية على أساس جهوي محض، مع رتوش قليلة فى التمثيل فرضها واقع البلاد المعقد.
ولم تفلح جهود الوزارة وضغوطها فى احتواء الأزمة، وبات الاتحاد اليوم مجرد إطار شكلى، بفعل انهيار الثقة بين مكوناته، وتعامل الحكومة الحذر مع خلافاته الداخلية.
ومع نهاية أكتوبر 2015 اعلنت الحكومة عن ثالث أزمة داخل القطاع، بعد حكم قضائي يجهض الانتخابات التى تمت قبل سنتين داخل اتحاد الرماية التقليدية بموريتانيا وأعادت الأزمة لمربع الصفر، وسط حالة امتعاض غير مسبوقة داخل الأندية المشاركة فيه، واتهام للقائمين على القرار بتكريس الجهوية فى اتحاد بالغ الحساسية والتأثير.
وعمقت اجراءات اللجنة الحكومية خلال الفرقاء داخل الاتحاد، وشعر أطر الشمال بأن تصفية ممنهجة لهم من الرماية التقليدية قد بدأت بالفعل، لصالح دوائر الوسط (لعصابة وتكانت)، وهو ما أثار الكثير من اللغظ والجدل داخل الساحة.
غير أن مشهد الفشل والتأزيم داخل القطاع اختتم بالغاء مهرجان المدن القديمة، بعد تحضير ضعيف وصرف كبير، تجاوز 90 مليون أوقية قبل الغاء المهرجان اثر دخول البلاد فى أسبوع الحزن بعد وفاة نجل الرئيس أحمدو ولد عبد العزيز فى حادث سير أليم.
ويعتبر قطاع الثقافة بموريتانيا من أكثر القطاعات حيوية وارتباطا بالموريتانيين، لكنه تحول فى الفترة الأخيرة إلى واجهة لصراع كبار المتاجرين بالتراخيص، وساحة لصراع الجهات والقبائل والأعراق.