قانون الجمعيات الجديد.. كواليس مثيرة ومعطيات خطيرة (خاص)

قررت الحكومة الموريتانية رسميا اعتماد سلاحى السجن والغرامة فى مواجهة العمل الجمعوى بالبلاد، وامهلت – وفق مشروع القانون الجديد- كافة العاملين فى المجال بتصحيح وضعياتهم القانونية فى أجل أقصاه سنة بعد تمرير القانون داخل البرلمان ونشره فى الجريدة الرسمية.

حيث نصت المادة 59 من القانون الجديد على "معاقبة مسؤولو الجمعية أو الهيئة أو الشبكة أو المنتدى الذين لايصرحون، عملا بأحكام هذا القانون، بالتمويلات المتحصل عليها بالحبس من ستة (6) أشهر إلى سنة وبغرامة مالية من مليونين (2000.000) إلى أربعة ملايين (4000.000) أوقية أو باحدى العقوبتين.

 

ولم تقتصر العقوبات الردعية فى القانون الجديد على عدم التصريح بالأموال المتحصل عليها عبر الترخيص والمشاريع المقترحة، بل إن الحكومة اعتبرت توجيه بعض الأموال المتحصل عليها لغير الهدف المخصصة له بمثابة اختلاس للمال العام، وهو مايسمح لها بالتدخل فى تسيير الجمعيات وتوجيه أموالها ومعاقبة القائمين عليها، تماما مثل موظفى القطاع العمومى التابعين لها، ويستبطن القرار مسك الحكومة لدفاتر المحاسبة والتدقيق داخل الجمعية وانتهاك خصوصيات المنظمات والشبكات العاملة فى البلد.

 

حيث اعتبر القانون الجديد فى المادة 58 "مرتكبا لاختلاس المال العام ويعاقب بالعقوبات المنصوص عليها فى القانون والنظم المعمول بها، كل من استعمل كل أو بعض الاعانات الممنوحة لجمعية أو هيئة أو شبكة أو منتدى لغرض غير الهدف الذي برر تخصيصها".

 

لكن التمويل ذاته تم تعليقه بمرسوم سيصدر عن مجلس الوزراء دون المرور بالبرلمان، وهو ماقد يمنع كافة الجمعيات والشبكات من الحصول على الموارد اللازمة لتمويل أنشطتها، حيث يستحيل الحصول على مساعدة الدولة دون تقرير معلل من وزيري الداخلية والمجتمع المدنى،مصحوبا بطلب من الجمعية ، وتقاريرها المالية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، وأن تكون مارست أنشطتها خلال السنوات الخمس الأخيرة دون انقطاع وأن تكون صرحت بعمالها لدى صندوق الضمان الاجتماعي (ثلاثة على الأقل)، وأن تستعرض أسماء قادتها وسيرهم الذاتية مع وصل الترخيص والنشر في الجريدة الرسمية.

 

وتقول المادة (12) من القانون الجديد إن الاستفادة من الاعانات الخصوصية والعمومية سيتم تحديدها بمرسوم والتمويلات المتحصل عليها من جهات أجنبية أو منظمات دولية سيتم تحديدها بمرسوم آخر.

بينما تنص المادة (24) من مشروع القانون الجديد بإلزام الجمعيات ذات الاختصاص الترابى الوطنى أو الجهوي أن تصرح للوزارة المكلفة بالداخلية والوزارة المكلفة بالمجتمع المدنى بالتمويلات المتحصل عليها فى أجل أقصاه تسعون (90) يوما.

 

ويشكل القانون الجديد أسوء قانون مررت حكومة موريتانية على الإطلاق، كما أن يهدف إلى تقويض العمل الجمعوي بكل أشكاله داخل البلد، واعادة الجمهورية إلى فترة الأحكام الاستثنائية التى تتدخل فيها الدولة فى التفاصيل الدقيقة داخل الجمعيات والشبكات الشبابية والمنظمات الخيرية، مع العزوف عن تمويلها أو تنميتها ومحاربة كافة مصادر التمويل الخارجية والداخلية لها، وفتح المجال أمام ملاحقة القائمين عليها بتهم كاختلاس الأموال العمومية أو تقويض هيبة الدولة الموريتانية أو سوء التسيير أو المخالفة للقوانين المعمول بها.

 

زهرة شنقيط