تعيش الرئاسة الموريتانية منذ فترة خارج أسوار العصر الذى تعيش فيه، فرغم الموارد المالية الهائلة، وتخمة القصر بكبار وصغار الموظفين، وكثرة الأنشطة الرسمية وغير الرسمية للرئيس والعاملين معه، فإن الرئاسة الموريتانية هى المؤسسة الوحيدة فى العالم العربى وافريقيا بعد الصومال التى لايوجد لها موقع ألكترونى يتابع أنشطة الرئيس ويوثق أبرز منجزاته على الأرض.
داخل قصر رمادى من ثلاثة طوابق أو أربعة يوجد حشد من المستشارين والمكلفين بالمهام والملحقين والشعراء والكتاب والفنانين، يتمترس كل واحد منهم خلف جهاز حاسوب، ويحمل وقت المغادرة ماخف من أوراق سحبها أو تقارير أعدها للإطلاع أو التوثيق، دون أن يكون له أدنى دور فى الحياة اليومية للقصر وهرم السلطة التنفيذية بموريتانيا.
لقد اضطر الرئيس خلال الفترة الأخيرة إلى إلزام ديوانه بترتيب حركة الموظفين الراغبين فى السفر معه، وباتت القرعة سيدة الموقف فى ظل انعدام الثقة بهم وعجزهم عن تقديم أي منجز مفيد خلال الزيارات الداخلية أو الخارجية، مع تكاليفهم الباهظة للقصر خلال السنوات الماضية.
داخل أسوار الرئاسة ممثلون للرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى مهتمون بأخباره ومنفتحون على أنشطته، يدافعون عنه فى وجه خصومه، وفيها للرئيس الليبى الراحل معمر القذافى شلة، مقتنعة به، ومنشغلة بحرب الانتقام الدائرة منذ رحيله.
ولبعض الحالمين بالوزارة الأولي أنصار وأزلام وشبيحة، ولكن الغائب الأبرز داخل سرب الموظفين هم أنصار الرئيس بين أنصاره، والمنشغلين به من المشتغلين بغيره، لقد اظهرت التجارب الأخيرة للرئيس والمحطات الحاسمة أنه سيد قصر بلا موظفين، ورئيس دولة بلا أنصار، وإمارة تعود للقرون الوسطى، حيث القرطاس والقلم وتقارير الديوان والحاجب صاحب العضلات المفتولة فقط.
لقد باتت الرئاسة اليوم مؤسسة خارج الزمن الذى تعيش فيه، وثكنة عسكرية مغلقة، لامكان للقوى الناعمة فيها، ولا اهتمام بصورة سيدها بل الاهتمام منصب حصرا على سرقته واختلاس أموال الغير بالقرب منه، والإنشغال عنه بأكل "تاف" وشرب الشاي والتدخين..!