نشرت مجلة "موند أفريك" الفرنسية تقريرا حول اتفاق سري تم توقيعه بين تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي والحكومة الموريتانية، كشفت عنه وثائق حصلت عليها الولايات المتحدة، إثر مداهمة مخبأ زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه سوف يكون من الصعب على الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز؛ الظهور بمظهر الحليف المخلص لأمريكا وأوروبا ضد التهديد الإرهابي في منطقة الساحل، خاصة بعدما تم الكشف عن اتفاقية عدم الاعتداء المبرمة منذ سنة 2010 بين تنظيم القاعدة وموريتانيا.
وذكرت المجلة أن هذا الاتفاق ينصّ على هدنة بين الطرفين، تقضي بعدم مهاجمة مواقع تابعة لتنظيم القاعدة، مقابل وقف التنظيم أي هجمات من شأنها أن تستهدف الأراضي الموريتانية. كما أن هذا الاتفاق فسّر وبشكل واضح الأسباب التي جعلت موريتانيا لا تتعرّض لهجمات إرهابية في السنوات الأخيرة، على الرغم من تتالي مثل هذه الهجمات في عدد من دول العالم، بحسب المجلة.
ويوضّح هذا الاتفاق أيضا سبب رفض الرئيس الموريتاني تقديم أية مساعدة عسكرية لحليفته فرنسا، خلال عملية "أشابيل" التي نفذتها هذه الأخيرة في شمال مالي خلال سنة 2013. وبالتالي فإن السبب الحقيقي الذي يكمن وراء فضّ التحالف الذي جمع بين عدد من القبائل في المنطقة، لعلّ أبرزهم القبائل الصحراوية والعربية أو قبائل الطوارق الماليّة، هو هذا الاتفاق الذي تمّ الكشف عنه مؤخرا.
وأشارت المجلة إلى أنه حتى الأئمة في موريتانيا عبّروا بشكل علني بعد توقيع الاتفاق عن طاعتهم للسلفية، وعدم تأييدهم للتدخل الفرنسي في مالي، الذي كان يهدف إلى الحد من انتشار تنظيم القاعدة في المنطقة. كما أن صورة موريتانيا التي سوّق لها كل من الرئيس والوفد الحكومي المرافق له، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التي صوّرت البلاد على أنها "حصن ضد الإرهاب"، خدعت العديدين ممّن كانوا يؤمنون بحنكة الرئيس الموريتاني وسياساته الناجعة ضدّ الإرهاب، كما تقول المجلة.
فمن جهة، كان محمد ولد عبد العزيز يتقرب من فرنسا عبر اتصالات المديرية العامة للأمن الخارجي، ومن جهة أخرى كان يتفاوض مع تنظيم القاعدة الذي صُنّف كمنظمة إرهابية منذ سنوات، والذي لطالما شكّل خطرا على عدد من الدول.
وأضافت المجلة أن التسريبات التي قامت بها الحكومة الأمريكية كشفت النقاب عن "نفاق" حكومة نواكشوط، وازدواجية الخطاب الذي تعتمده فيما يتعلق بملف الإرهاب. وعلاوة على ذلك، يبدو أن البعض من رؤساء إفريقيا نسجوا على منوال الرئيس الموريتاني، حيث أدى رئيس بوركينا فاسو الأسبق، بليز كومباوري، دور الوسيط بين حلفائه الغربيين وعناصر من الطوارق "المتطرفين"، من أجل الحفاظ على السلم داخل بلاده التي تحدّها كل من ليبيا ومنطقة شمال مالي.
وخلال سنة 2010، لم يقتصر الأمر فقط على إبرام اتفاقية عدم الاعتداء، بل شمل أيضا تمويلا لعناصر تنظيم القاعدة، حيث اقترح هذا التنظيم، وفقا لما كشفت عنه الوثائق، التزام حكومة موريتانيا بدفع مبلغ يتراوح بين 10 و20 مليون يورو لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، مقابل تعويض المتشددين وتجنب عمليات خطف السياح. إلا أن هؤلاء الجهاديين ليسوا بحاجة إلى "فدية"، نظرا لأن الحكومة الموريتانية كانت قد كافأتهم منذ البداية حينما قررت إبرام اتفاق الهدنة.
وأكّدت المجلة أن الاتفاق ألزم أيضا حكومة موريتانيا بإطلاق سراح السجناء المنتمين لتنظيم القاعدة وحلفائها، فخلال شهر أيار/ مايو 2013، ألقت موريتانيا القبض على الزعيم الأبرز والمتحدث الرسمي باسم حركة أنصار الدين، ساندا ولد بوعمامة، وهي حركة جهادية اتخذت من شمال مالي معقلا لها، عندما لجأ إلى موريتانيا.
لكن سرعان ما أطلقت السلطات الموريتانية سراح هذا الأخير، دون تقديمه للعدالة من أجل البتّ في قضيته. أما فيما يتعلّق بقضية زعيم القاعدة في موريتانيا وأحد أقرباء الرئيس الموريتاني، الخديم ولد سمان، فقد ألقي القبض عليه سنة 2008 وحكم عليه بالإعدام في سنة 2010، إلا أنه ما زال إلى يومنا هذا على قيد الحياة.
وفي المقابل، نقلت المجلة تصريحات المستشار القانوني للرئيس الموريتاني، حسن ولد ناجي، الذي كذّب ما تمّ تداوله عن الاتفاق المبرم بين بلاده وتنظيم القاعدة، وأكّد أن "موريتانيا ظلت تكافح دائما التمويل غير المباشر للإرهاب عبر دفع الفدى للتنظيمات الإرهابية"، مشددا على أنه "لا يوجد أي اتفاق سري بين موريتانيا وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي".
وذكرت المجلة أن حركة أنصار الدين الجهادية "المحمية" من الحكومة الموريتانية، كانت قد أعلنت خلال 29 شباط/ فبراير 2016 عن إنشاء وسيلة إعلامية جديدة، ستقوم من خلالها بإعلان وتبني الهجمات التي ستنفذها ضد كل من الأمم المتحدة والجيش الفرنسي.
نقلا عن موقع عربى 21