حينَ يصبحُ من يعتبر نفسه مفكرا – وهو ليس كذلك - همه الأكبر كسرة الخبز والغذاء على حد تعبير متنبي العصر فكبر على "الفكر" وقتها أربعا ..خصوصا إذا كانت "خضرة" ذلك الفكر يشوبها الذبول , وكيف لاتذبل وهي تستمد رؤاها من مراجع مثل : المرأة أنثى، والرجل ذكر، والمرأة طبقاً لذلك يقول طبيب أمراض النساء: ( إنها تحيض أو تمرض كل شهر ، والرجل لا يحيض لكونه ذكراً فهو لا يمرض شهرياً ( بالعادة ). ص 27 من الكتاب الأخضر.
يستمد "المفكر البوق" من "سيده" الراحل معظم "أقواله الجوفاء" التي يبثُ –غالبا- من خلال مرتزقة من الصحافة غير الحصيفة يحملون عارَ ووزرَ مايكتبُ من هراء , وماهم بحاملين من خطاياه من شيئ, إنهم لكاذبون... جديدُ "المفكر البوق" هذه المرة هو "مقارنة ساخرة" بين الشيخ الددو والإمام العز بن عبد السلام ولعمري إن الشيخ الددو يشبه العز في أمور عدة ولا ينكر ذلك إلا مكابر أعمى التزلفُ بصيرته , فسلط لسانه على الحق وأهله.
ومن أبرز أوجه الشبه بين الشيخ الددو والعز بن عبد السلام : الشجاعة والجرأة في الحق : فلإن كان الإمام العزّ هو مجدد "الإنكار العلني" على الحكام والسلاطين , وكان ينكر عليهم –في أحايين كثيرة - علنا وأمام العامة فإن شيخنا الددو قد سار في ذلك على خطى العز فجدد - أيضا بذلك - هدي وسمتَ "سلطان العلماء" ومواقف الشيخ الددو مع "حكام العصر" – بمافيهم سادتك – معروفة مشهودة تشبه –إلى حد التطابق – مواقف العز رحمه الله مع الملك إسماعيل , وأمراء المماليك من بعده.
مكمنُ انزعاج "البوق" في خرجته الجديدة هي المكانة التي يحظى بها الشيخ الددو أين ماحلّ وحيث ما ارتحل , والشيخ في ذلك أيضا - رغم أنف "مستشار التوقيع والنشر – يشبه العز ابن عبد السلام حيث أنه لما خرج من دمشق متّجها إلى مصر استقبله أهلها بالحفاوة والتبجيل والتكريم , كما فعل سكان غيدي ماغا مع الشيخ الددو في مشهد من "مشاهد التمكين" يثلج صدور المؤمنين , ويغيظ مرتزقة السلاطين .. الذين يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله , ويستكثرونه عليهم مكابرةً وحسدا وحقدا كماقال الشاعر :
ولكنْ دولةُ الأغراض تُعمي..... وتُلقي فوقَ أعينها حجابا لقد جحدوا ضياءك وهو سارٍ..... يشقُّ البيدَ أو يطوي الهِضابا كأن من الهدى فيه سراجٌ..... ومن وضح اليقين بها شهابا ومن تكن المآربُ ضللته..... يجدْ في الحق زيفاً واضطرابا لقد عادوْك موجِدةً وكِبراً..... وربّ مكابرٍ فقد الصّوابا مضوْا يستكثرون عليك فضلاً..... من الله الذي يعطي الرّغابا هو الحسدُ الذي أكل البرايا..... وصيّرهم على إنسٍ ذئابا يكاد الحقدُ يمسخهم قروداً..... ويخلُق فيهمُ ظفراً ونابا
بقيّ أن أقول أنه من المفارقات المضحكة أن يتحدث ممتهنُ مسح أحذية السلاطين الفاسدين عن "سلطان العلماء" العز بن عبد السلام رحمه الله.. لكن الظواهر الصوتية لا يستغرب منها "التناقض" خصوصا أدعياء الفكر منهم, ولقد صدق نزار حين قال :
وإذا أصبـحَ المفكِّـرُ بُـوقاً ... يستوي الفكرُ عندها والحذاءُ.
البكاي باب أحمد "الكنتي"