شكل خروج وزير التهذيب الوطنى السابق باعصمان من الحكومة قبل شهرين نقطة تحول فى مسار الوزارة التى عهد إليه بالكثير من برامج التنمية خلال الفترة الأخيرة، وعانت من الكثير من المتاعب بفعل سوء التسيير والارتباك فى التعاطى مع الملفات الشائكة.
وقبل تعيين الوزير القادم من متابعة مشاريع التنمية بوزارة الاقتصاد والتنمية، تم تعيين أمينة عامة جديدة للقطاع بعد فترة تربص، اثر مغادرتها لقطاع السياحة.
لكن هل يمتلك الوزير حلولا سحرية لحل مشاكل الوزارة؟ وهل يمكن للوزير اصلاح القطاع برجال أسلافه؟ وهل ستظل الوزارة رهن إشارة النخبة المتحكمة فى مجمل مفاصلها المركزية، ومن سيفرض الإصلاح فى ظل متهمين بتكريس خلافه؟.
صحيح أن الوزير لما يكمل شهره الثانى، وأن معرفته بالقطاع ورجاله محدودة، لكن من الواضح كذلك أن الوزير لن يضيف أي جديد فى المشهد، مادام رفاق سلفه باعصمان هم الممسكون بتسيير الأشخاص والبرامج والإدارات الجهوية والمعاهد التابعة له، وأنصار سلفه هم من يتولى اعداد تقارير التفتيش وفرز الصالح من الطالح فى الوزارة ورسم السياسات التفصيلية للقطاع.. إن الإصلاح يحتاج إلى اقتناع، وأوامر الوزير تحتاج إلى تنفيذ، والرؤية التى يراها اليوم هى ماكان يراها سلفه بحكم المتحكم فى الإخراج من وراء الستار،والتنفيذ على الأرض سيظل هو ذاته.
إن الرئيس والوزير الأول مطالبان الآن قبل الغد برفع الحصانة عن رجال الحقبة الماضية، والسماح لوزير التهذيب وغيره من وزراء الحكومة باختيار من يرونه أهلا لتسيير الأمور ، فمن لايمتلك حق التعيين أو الإقالة لايمتلك حق التسيير والتقويم ، وليس لديه سوى الاستماع لما تقرره أجندة آخرين.
العام فى نهايته ، لكن التعليم يحتضر، الأمور تسير بالقدر المقبول – يقول أنصار عدم التغيير- لكن ما الذى تغيير منذ تعيين الوزير الجديد؟ إن مشاريع الإصلاح دائما ما ينتهى به المطاف فى سلة المهملات، إذا شعر الفاعلون على الأرض بضعف أصحابها، وإن الوزير الذي يأتى لملأ المقعد ليس بالضرورة هو الذى يحتاجه قطاع مثل التهذيب أو الصحة أو الداخلية، تتغير الأسماء وتستمر السياسات، لأن أصحاب القرار على الأرض هم الثابت وغيرهم متغير، هم السادة وغير رهين محبسيه، هم الفاعلون على الأرض وغيرهم ضحايا للتقارير الجامدة والرؤي التى يقدمها الآخرون.
باختصار يحتاج الوزير إلى اجراء تغيير فى قطاعه قبل أن تجبره الأيام على اجراء تغيير فى ميزاجه، ونظرته للأشياء .. قطاع التعليم مترهل والجرأة فيه مطلوبة، والفاعلية وحدها هى الضامن الأبرز لنجاح الخطط وتفعيل المنظومة المكلفة بالتسيير فى أكثر القطاعات حيوية وقربا من الناس.