أبرز رسائل الحزب الحاكم فى موريتانيا من خلال مهرجانه الأخير(*)

شكل مهرجان اللجنة الشبابية للحزب الحاكم بموريتانيا محطة جديدة من محطات السجال السياسى بين الفرقاء فى الساحة الوطنية، بعد فترة من التزام الأغلبية للصمت وحراك المعارضة المتصاعد فى الشرق والشمال رفضا لاستمرار "حكم العسكر".

 

رئيس سيدى محمد ولد محم اختار تمرير بعض الرسائل خلال حفل المنظمة الشبابية للحزب، بعضها للمعارضة والآخر لداعميه فى الأغلبية ومعارضيه منها على حد سواء.

 

 

أول الرسائل التى حرص الحزب على ارسالها للآخر هو الحشد الشبابى الضخم الذى اختار الظهور به قبل انطلاقة الحملة الجديدة، بينما توارى موظفو الدولة وشيوخ القبائل والوجهاء عن الواجهة فى بداية عملية كانت إلى وقت قريب من اختصاص "الكبار" فقط.

 

أما الرسالة الثانية فكانت خروج الحزب من منطق المهادنة وإلقاء المشترك فى الساحة بحثا عن حوار داخلى بين القوى السياسية إلى منطق المكاشفة والمصارحة والمنازلة. فغابت مصطلحات الحوار والتهدئة واستعاب الخصم مهما كان عناده، والاستعداد للتشاور مع الغير، وحلت محلها مصطلحات أخرى تحمل من نفس التصعيد أقواه، ومن المكاشفة ماترى قيادة الحزب أن الوقت وقته، فقد وزع الرجل الشتائم بالجملة على قادة المعارضة، واصما البعض بالفشل والتخبط، وساخرا من بقايا أنظمة تصارع من أجل البقاء، ومتهما آخرين بالظلامية وكره الحياة، ومذكرا آخرين بمواقف "سوء" وقفوها مع أنظمة القمع فى مراحل الضعف كما يراها، وشاملا الجميع فى سلة واحدة عنوانها "محاربة الأمل ونشر الرعب والإحباط واليأس بين الناس". لقد كانت مجمل مضامين الخطاب شبيهة بخطاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز فى مهرجان نواذيبو الشهير.

 

أما الرسالة الثالثة فكانت للأغلبية المتحفزة للموقف من الدستور وتعديله، فمنطق المأمورية الثالثة غير مطروح فى الوقت الراهن على الأقل، والحديث عنها ليس من الحكمة فى شيء، والسجال مع المعارضة حولها انجرار لحرب خطط لها الآخر، والناس بين مشغول بالعمل التنفيذي من أجل تسريع وتيرة التنمية أو مهتم بالعمل السياسى، فالانتساب للحزب وترميم الحزب وإعادة بناء الحزب يجب أن تكون أولويته بعيدا عن الجدل مع الآخرين أو هكذا أراد ولد محم أن يقول لرفاقه داخل الأغلبية، رغم لجوئه إلى مخاطبة الحاضرين بأسلوب يفتقد للبساطة فى بعض ملامحه بحكم احراج الموقف وضبابية الرؤية للكثيرين.

 

الرسالة الرابعة من رسائل المهرجان الخاطف كانت موجهة لخصوم الرجل فى الحزب ومناهضى شريكه فى الحكومة يحى ولد حدمين، عنوانها نهاية الأحلاف الداعمة للرئيس وصهر الجميع فى بوتقة واحدة، يمثل الحزب عنوانها الأبرز، وواجهتها الأشمل ،وصانع القرار فيها، والحكومة ذراعها التنفيذية. بكل بساطة حاول الرجلان رسم صورة مغايرة عن موازين القوى فى الساحة خلال الفترة الأخيرة، متمترسان خلف ثقة منحها الرئيس للأول بتكليفه بالحزب وتسييره وللثانى بالتجديد له على رأس الحكومة.

 

 أما الرسالة الأخيرة والأهم للساحة السياسية المحلية فهى أن الحزب منشغل بالتخطيط لمستقبل رئيسه السابق وربما اللاحق محمد ولد عبد العزيز، دون الإفصاح عن شكل المستقبل الذى يريد الوصول إليه أو الآليات المتبعة فى توطيده وتثبيته، معتمدا سياسة الضبط الداخلى وتفعيل الهيئات الحزبية وانضاج الساحة السياسية لحدث لما يعلن الحزب كل ملامحه، ولكنها بدت شبه مفهومة للفاعلين فى السياسى بموريتانيا.

 

(*) سيد أحمد ولد باب / كاتب صحفي