من المتوقع أن يزور الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز الحوض الشرقى فى الثالث من مايو 2016 ، ضمن حملة سياسية اعلامية لحشد الدعم لمشروعه السياسى مابعد 2019، وتعزيز وجود الحزب الذى ينتمى إليه فى منطقة تصاعدت فيها وتيرة الرفض خلال الفترة الأخيرة.
ليست الزيارة الأولى لرئيس جمهورية إلى المنطقة وقد لاتكون الأخيرة له، فمجمل الرؤساء فى البلد - منذ الخروج الشكلى للفرنسيين من المنطقة 1960 - مغرمون بالشرق الموريتانى كلما عنت أزمة داخلية أو لاح برق تغيير فى الموقف السياسى، أو احتاجوا إلى اطلاق حملة جديدة من الشعارات المستهلكة لشغل الناس والهاء الجياع عن واقعهم المزرى.
يصل الرئيس مصحوبا بأعضاء الحكومة ونواب البرلمان وسفراء الغرب والشرق إلى منطقة منكوبة بفعل الجفاف الذى يمتاح بقايا "الندى" فيها، ومهمشة بفعل المركزية الزائدة فى البلد، ومقطعة الأوصال بفعل النظرة غير المتوازنة لحظة برمجة المشاريع التنفيذية فى البلد، فقيرة حد الكدح، جياع سكانها حد الشفقة، عطاش بقرار رسمى(*)، جاهلون بالعالم الذى يعيشون فيه بفعل غياب البنية التحتية المحفزة للتعلم، وضعف نفاذ متعلميها إلى الوظيفة العمومية أو الوظائف السامية، فى بلد يختار القائمون عليه التعامل مع "تجار البشر" من وجهاء المنطقة فى عملية شراء وبيع كلما عن موسم انتخابى، أو اقترب موعد يحتاج الحشد وتسيير الرجال والجمال والحمير والنساء بدل تركيز التنمية وانضاج الواقع المحلى للمساهمة فى مواجهة المشكال المطروحة والبحث لها عن حلول.
يزور الرئيس المنطقة وهى المقسمة فعليا إلى نصفين:
نصف حظى بالسلطة والتوظيف والمال والطرق والمياه والزيارات المفاجئة وغير المفاجئة – بشكل نسبى-، ونصف لم يزره رئيس فى تاريخه (*) منذ تسليم السلطة للمختار ولد داداه 1958 إلى اليوم، ولم تعبره سيارة حكومية لتفقد أوضاع الناس، إلا عسكرى باحث عن ضحايا "فتنة" أو مستثمر فى "شجار" عوائده على الإدارة أغلى وأهم من نتائجه على مفتعليه، ولم يبت فيه وزير أو والى أو حاكم أو مدير أو ضابط، إلا طمعا فى مكرمة أو بحثا عما يعززه به ممتلكاته من شعب يطارد أخفاف الإبل بحثا عما يسد به رمق الجوع فى دولة تتسم بعدم الإنصاف وتجاهل الراعى للرعية، ولم يرفع فيه علم للجمهورية منذ استقلالها إلى الآن.. وهل على الرمال المتحركة ترفع الأعلام؟
يزور الرئيس الولاية والمنطقة الرابطة بين (ولاته – تيشيت – اعوينات أزبل – تامشكط) مكتظة بآلاف الأطفال خارج فصول الدرس ومن كل الفئات والأعمار والأعراق، يزور المنطقة وآلاف النساء يلدن أطفالهن تحت الأشجار أو عند أطراف المراعى أو فى خيام بالية ودون مساعدة من طبيب أو وكيل صحة أو قابلة. يزور المنطقة والناس فيها تتعالج بدهون الماشية بدل المضادات الحيوية، وبأوراق الشجر بدل الأقراص الطبية، وتباع فيها الأدوية المحمولة على ظهر الجمال فى الحر بأسعار خياليه من "أطباء "هواة، وتجار سموم يستغلون غياب الإدارة وحاجة الناس لتحقيق الثراء السريع.
يزور الرئيس المنطقة وأكثر من 100 ألف نسمة فى ثلاث مجالس محلية (*) يعتمدون على مركز صحى واحد، ونقطة صحية واحدة، وخمس مدارس ابتدائية، أما الإعداديات والثانويات والمعاهد والتكوين فتلك حكاية أخرى لامكان لها فى قاموس السكان.
يزور الرئيس المنطقة وثلاث مجالس محلية لم تستقبل منها الثانويات المجاورة منذ 15 سنة أي تلميذ!.
يزور الرئيس المنطقة وفيها آلاف السكان دون محظرة أو مسجد أو زاوية، لقد ضنت الدولة بكل أذرعها الحكومية والسياسية والمدنية على ساكنيها بمنفذ واحد يضمن النجاة فى الآخرة، بعد أن حرموا مصادر العيش الكريم فى الفانية.
يزور الرئيس المنطقة وقبله بأيام ستجوب السيارات الفارهة الريف وسكانه والقرى وقاطنيها من أجل حشد الجميع له، والصراخ بأعلى الصوت "يعيش الرئيس " "يعيش الرئيس" .. أما الفقراء فليبكوا جهلهم المستحكم وغباء سياسييهم الواضح، أن للدولة شعب آخر يستحق ثروتها وتعليمها ومراكزها الصحية وشوارعها الفسيحة وشباك اتصالها المتنوعة، أما هم فجديرون بمزيد من الصبر والإنتظار والرضي بقضاء الله وقدره إلي اشعار جديد ..
(*) زار ولد هيداله منطقة أطويل بدايه حكمه لساعات وأمر بتهجير سكانها بدعوى ملوحة المياه وغادر .. وكان الجميع يدرك أنها خطة سياسية طبخت فى مقاطعة تمبدغه لتفتيت كتلة ناخبة ذات تأثير كبير فى لجان تهذيب الجماهير .. وقد تم لهم ما أردوا بقرار الرئيس
(8) أكبر ضربة وجهت للسكان فى بلديات أطويل وأنولل وأم الحياظ هى منع الترخيص للآبار التقليدية، وهو قرار اتخذه وزير المياه السابق ابراهيم ولد امبارك ولد محمد المختار دون الانتباه لحج الضرر الذى سببه لسكان المنطقة.
--------------
(*) سيد أحمد ولد باب / كاتب صحفى