رحيل رجل المهام الصعبة في الإعلام الموريتاني

لقد فقدت أحد أصدقائي الأعزاء، وهذا قضاء الله وقدره، وليس لنا إلا الرضى بالقضاء.. لقد فقد الإعلام الموريتاني أحد رجالاته الذين ضحوا من أجله تضحيات جسام.

نعم لقد رحل عنا ليلة الاثنين الماضية (الـ 11 ابريل 2016) زميلنا محمد يسلم ولد السيد رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وبارك في ذريته وألهمهم الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

لقد صحبت المرحوم محمد يسلم ولد السيد ما يزيد على ثلاثين سنة، وعرفت فيه الصدق والوفاء والإخلاص والشجاعة والشهامة والإباء.

عرفته في الظروف الصعبة، وكان بالفعل رجل المهام الصعبة، كما كنا نصفه، عمل في الإذاعة الوطنية في مستهل مساره المهني، لكنه التحق بالوكالة الموريتانية للصحافة عند تأسيسها في سنة 1975 وبنى قطاعها الفني وواصل العمل فيه بكل تفان وإخلاص إلى سنة 2012.

لم يستكن المرحوم محمد يسلم في أي فترة من فترات عمله للراحة والخمول، بل كان يعمل ليل نهار بدون كلل وحينما ينصحه أحد بأن يستريح يقول بأن هذه أمانة وهو لا يفرط في أمانته.

كان المرحوم محمد يسلم مقتنعا اقتناعا عميقا بأن الإخلاص في العمل للدولة واجب ديني، وكثيرا ما يخاطب العمال بأن رواتبهم لا تكون حلالا لهم إلا إذا أدوا العمل الموكل إليهم.

وكان يخدم الدولة بإخلاص وقناعة، ويتعامل في ذلك مع ضميره، لا يهمه حضور رؤسائه الإداريين أم غيابهم فهو سيؤدي عمله حسب قناعته، وهو كذلك منضبط إداريا، وله رأي في كل الأمور ويناقشه، لكنه ملتزم بالأوامر.

وللمرحوم محمد يسلم ولد السيد حس سياسي مرهف ويكفي أن النشرة الخاصة للوكالة الموريتانية للأنباء التي بدأناها في تسعينيات القرن الماضي، لم تنجح إلا على  يد محمد يسلم، فقد استمر في إعدادها وتوزيعها عدة سنوات، وكانت مهمة جدا لأصحاب القرار في الدولة.

كان محمد يسلم صارما في العمل، لكنه عطوفا حنونا خاصة على صغار العمال.. كان يقف في حوائج الناس ويضحي من أجل ذلك.

كنا نعرف محمد يسلم في الظروف الصعبة يقف معنا ويؤازرنا ويبذل الغالي والنفيس من أجلنا.. نرجو من الله أن يتقبل منه كل ذلك ويجازيه عنا الجزاء الأحسن.

كنا نعرف عن المرحوم محمد يسلم حرصه الشديد على أن لا يخلو مكتبه من مصحف، وكان له ورد من القرآن الكريم (عدة أحزاب) يواظب على حفظها يوميا بعد صلاة الصبح، وحينما يضطر للإتيان للعمل في ذلك الوقت بسبب عطل فني أو انقطاع التيار الكهربائي، لابد أن يأخذ وقتا في النهار لحفظ أحزابه.

يمكن أن نكتب الكثير عن المرحوم محمد يسلم، فقد أعطى حياته لخدمة الدولة الموريتانية وخاصة الإعلام الموريتاني، وهاهو يرحل بعد حوالي سنتين من المعاناة مع المرض لم يزره خلالها أي من كبار مسؤولي هذه الدولة التي ضحى من أجلها.

نرجو من الله العلي القدير أن يرحم محمد يسلم ولد السيد ويغفر له ويتجاوز عنه ويبارك في ذريته ويجعلها ذرية صالحة.

إنا لله وإنا إليه راجعون

محمد الحافظ بن محم