هيمن الصراع الدائر بين الوزير الأول يحى ولد حدمين وغريمه الطامح للعودة للوزارة مولاى ولد محمد لغظف على التحضير لمهرجان الرئيس، وسط استعراض ظاهر للقوة، وحسم للتحالفات الداخلية ولجوء للاستعراض فى محاولة لحسم الصراع على الزعامة.
ولد حدمين اختار الغياب عن الساحة تاركا المجال للتحالف الداعم له من أجل تسيير الصراع وإدارة المعركة، بينما حط الوزير الأمين العام للرئاسة مولاى ولد محمد لغظف بالنعمه حاملا خيمته ذات التكييف العالى، وحشد من الآليات الثقيلة لتجهيز مقره الواقع غرب المدينة.
لكن الفرز الذى عاشت العاصمة نواكشوط بعض فصوله اتضحت ملامحه بشكل كبير خلال الساعات الأخيرة، بعد أن فرزت الأحلاف حجم الرجلين داخل المحيط الذى ينتميان له، مع حضور فاعل لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية وغياب شبه مطلق للأحزاب السياسية المشكلة للائتلاف الداعم للرئيس.
فى مقاطعة باسكنو بدت الصورة محسومة لصالح الوزير الأول الحالى يحى ولد حدمين، بفعل الدعم الذى يلقاه من رجل المقاطعة القوى محمد محمود ولد حننا، وهو دعم أكد عليه الحراك الأخير للجنرال حننا ولد سيدى الذى التقى رئيس الحزب الحاكم سيدى محمد ولد محم بعيدا عن كاميرات الصحافة، قبل أن توجهه للمقاطعة من أجل حشد الدعم للمهرجان، وهى رسالة أكدت معطيات العاصمة نواكشوط، والتى أثير حولها الكثير من اللغط بفعل وجود ولد حننا ليلة اجتماع مولاى بالعاصمة المغربية الرباط.
وفى مقاطعة "تمبدغه" بدت الصورة مرتبكه، حيث انقسم الحشد مابين داعم للوزير الأول يحى ولد حدمين، ومنحاز إلى الوزير الأمين العام للرئاسة مولاي ولد محمد لغظف.
وقد تزعم الحشد الأول نائب المقاطعة محمد ولد الليل، وشيخ المقاطعة لبات ولد حيبله ومستشار الوزير الأول اسلمو ولد أمينوه، والأمين العام السابق للشؤون الإسلامية محمد ولد سيد أحمد فال، وعمدة بوسطيله أسغير ولد حيمدون، وعمدة المدينة ولد الشيخ محمد الأمين، والأمين العام للمظالم اسلكو ولد الطلبه،وعدد من وجهاء المقاطعة، بينما تزعم الحشد الآخر وزير الصحة السابق أحمد ولد جلفون وعمدة البلدية السابق أحمد ولد المختار والتحالف الداعم لهما فى المقاطعة، وهو تيار عريض من المغاضبين. بينما انحاز البعض للحزب الحاكم واختار الخروج من التحالفات الضيقة والاصطفاف الحدى مع أحد الطرفين.
وفى مقاطعة النعمه حسم الطوق القبلى المحيط الفاعل بالمقاطعة مسألة القيادة فى النعمه، فبينما اختار ولد محمد لغظف التمترس خلف المجلس المحلى الذى ينتمى إليه (بلدية بنكو)، عقدت الأحلاف الأخرى سلسلة من الاجتماعات فى المقاطعة دعما للوزير الأول يحى ولد حدمين، واختار البعض تسليم مقاره للتحالف المذكور، بينما احتفظ آخرون بمكانتهم داخل الساحة المحلية، رغم دعمهم للوزير الأول، وهو تميز اقتضته ظروف الصراع داخل المقاطعة بين الأحلاف الفاعلة فيها.
ولم خرج الوافدون من خارج الولاية عن التجاذبات المحلية ، فقد انقسم القادمون من الحوض الغربى إلى داعم للوزير الأمين العام للرئاسة أو متحالف معه (حلف مسغارو ولد أغوزيرى)، ومنحاز للوزير الأول يحى ولد حدمين (تحالف باب ولد بوميس) وتحالف بداية بقيادة النائب سيدى عالى ولد سيد الأمين، وتحالف أهل حمادى بقيادة الوزيرة ماتى بنت حمادي.
وهو نفس المنهج الذى اعتمده وفد مقاطعة الطينطان وبلدية تنحماد، حيث بدت العلاقة بولد حدمين أكثر من ظاهرة سواء تعلق الأمر بالشعارات أو مكان الإقامة أو الاستقبال.
ولم يخرج وفد آخر من (تكانت ولعصابه والطينطان ) بقيادة الجنرال الداه ولد المامى عن الجدل الدائر بين الفرقاء فى الحوض الشرقى، رغم عدم التصريح بأي موقف، لكن التحالفات المحلية للوفد الزائر كشفت مستوى العلاقة مع حلف ولد حدمين.
وتبدو الصورة ضبابية فى مقاطعة "أمرج" بفعل بروز أقطاب جديدة، ولجوء البعض لخيار الحياد فى الصراع الحالى، بينما يبدو الاستقطاب قويا فى مقاطعة "جكنى" بين داعم للوزير الأول يحى ولد حدمين (نواب المقاطعة وأربعة من مجالسها المحلية)، وبين معارض له بقيادة تحالف "أهل خطرى" أو المنخرط منه فى الأغلبية الداعمة للرئيس.
وقد عززت مظاهر الاستقطاب دخول أحلاف جديدة من خارج الولاية، حيث تستعد النعمه لاستقبال وفد من ولاية لعصابه دعما للوزير الأمين العام للرئاسة، وآخر من مقاطعة "كوبنى" بتوجيه من رجل الصوفية النافذ الشيخ محمدو ولد الشيخ حماه الله دعما للوزير الأول يحى ولد حدمين، وهى الوفود التى يتوقع أن تكون ذات تأثير كبير فى الساحة المحلية، بفعل الحجم المتداول الآن فى عاصمة الولاية.
وفى أنبيكت لحواش غاب مولاي ولد محمد لغظف عن الصراع، وانحصر الاستقطاب بين يحى ولد حدمين ممثلا فى حليفه "السالك ولد سلامى" ووزير الخارجية اسلكو ولد أحمد أزدبيه، ذى الشعبية المحدودة فى الولاية، لكن جهوده ركزها على "أنبيكت لحواش" وجمل الجمال لتنظيم استعراض ضخم بالتزامن مع زيارة الرئيس.
وفى انتظار انجلاء الموقف مساء اليوم الأثنين 2 مايو 2016 تبدو المنطقة مقبلة على صراع من العيار الثقيل، اختفت فيه الأوزان التقليدية، وتمترس كل طرف فيه خلف تحالف قبلى قوى، بينما غابت مجمل الأحزاب الداعمة للرئيس باستثناء حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، الذى قاد رئيسه طيلة الأيام الماضية حملة داخلية لنزع فتيل التوتر بين المجموعات المتصارعة، مع تعبئة سكان النعمه ممن لاينتمون فى الغالب إلى أحلاف قبلية فاعلة فى الساحة المحلية، والعمل من أجل اضفاء صبغة مدنية على الحشد القبلى بالولاية، والذى يعتبر الأقوى والأكثر صراحة منذ انفجار الأزمة بين الرجلين ابان زيارة الرئيس الماضية.