هل يعصف الرئيس برموز إعلامه بعد الحراك الأخير؟

شكل إلغاء رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا كافة أنشطته المقررة بعد الزيارة والعودة للعاصمة نواكشوط من أجل متابعة ملف الزيارة ، والرد على الخطاب المتوقع لزعماء المعارضة في مسيرة السابع من مايو K2016 رسالة بالغة الدلالة عن مدى الإحباط والاستسلام لأمر الواقع داخل القصر والحكومة، بعد أن بات متحدثوها بلا ألسنة وكتاب القصر المكلفين بالإعلام و"أخواته" محل سخرية وتندر.

 لقد أطلق الرئيس سلسلة من المواقف المثيرة في خطابه بالنعمة عاصمة الحوض الشرقي، وحاول استعادة مكانته التي خسرها بفعل المرض، وضعف الأنصار، وتراجع الزخم الذى كان يحظى به داخل الساحة السياسية إبان وصوله للحكم سنة 2009، لكن ردود الفعل كانت أقوى من خطاب الرئيس، وحراك أتباعه أضعف مما توقع.

فأغلب مستشاريه ومعاونيه همهم الأول متابعة الأفلام العراقية، والمصرية، والليبية، مع تداول أخبار الموضة ومخاطر أحمر الشفاه!، بينما تواجه القصر حمم التصريحات النارية، والتدوينات الساخرة، والصورة المهينة، وهو ما أضطره إلى إخراج "الشعراء" من مجالهم التقليدي إلى ساحة معركة لا يمتلكون فيها الكثير من التجربة.

لقد وجد الرئيس نفسه فجأة في مواجهة إعلام قوي، وساسة محنكين، وحراك مدونين أقوى من تبريرات موظفيه العاجزين عن التوصيل والتواصل، بل إن البعض زاد الطين بلة من خلال تشريع "تحديد النسل" ومحاولة الزج بالتجربة الصينية كنموذج مقبول، وإعطاء صورة بالغة في القتامة لما آلت إليه الأمور خلال الفترة الأخيرة.

لقد استشعر الرئيس أن إعلام "مطار أنبيكت لحواش الدولى" لم يعد يقنع أحدا، وأن إعلاما هذه درجة انحطاطه يجلب من السخط أكثر مما يجلب من الأنصار، وأن جهود جيشه وحكومته لا مكان لها في المؤسسات الإعلامية، المملوكة له، فبطولات الجيش التي يتغنى بها تنشر بعد 14 يوم من وقوعها، و"انجازاته" المفترضة محل تشكيك وتندر من مجمل معارضيه، بينما ينتظر أنصاره الأمر للحديث عنها، أو فرصة لأخذ بعض المقربين، والأصدقاء، والاتجار بها، وفى الغالب يكتفون بذكر "المنجز" وإهمال "المنجز" وتأليب "المفعول لأجله" على "الفاعل" بالحديث عن أرقام فلكية وانجازات وهمية وسب رموز الخير والصلاح، والإمعان في استفزاز الذاكرة الجمعوية للبلد عبر تسفيه مجمل الأحكام التي تعاقبت عليه.

(*) تنفق الحكومة سنويا قرابة 4 مليارات على وسائل الإعلام التابعة لها والهيئات الشبيهة، لكنها ظلت عاجزة عن تقديم منتوج مقنع ، بينما تحافظ على نموها الفوضى المتأثر بفضاء العاصمة وأخلاق بعض قاطنيها على حد وصف الرئيس.