أحيا حزب الصواب الذكرى الثانية عشرة لتأسيسه، معتبرا أنها فرصة لاستحضار الظروف الصعبة والمخاض العسير اللذين طبعا المشهد الوطني سنة تأسيسه 2004، حيث الاحتقان السياسي والاجتماعي والانفلات الأمني وتدهور الأوضاع الاقتصادية للبلد، وغياب الحرية التي هي تربة التنمية الأولى وأساس الاستقرار السياسي".
وقال الحزب في بيان صحفي حصل موقع زهرة شنقيط على نسخة منه، إنه يجدد دعوته لكل الفرقاء السياسيين إلى التشبث بالمكتسبات الديمقراطية التي حققها بلدنا من خلال تضحيات جسام قدمها الشعب الموريتاني في العقود الماضية، سواء تعلق الأمر بالحريات الفردية والجماعية كحرية التعبير، وحق إنشاء الأحزاب والنقابات وهيئات المجتمع المدني والحفاظ على هذا المكسب والدفاع عنه في كل الظروف".
ودعا الحزب إلى الحفاظ على المكتسبات سواء ما تعلق بجوهر الديمقراطية الذي هو مبدأ التناوب السلمي على السلطة، واعتماد الحوار الوطني سبيلا وحيدا لحل كل المشكلات وتطوير المؤسسات السياسية وترقية قيم الديمقراطية في مجتمع تؤكد الأيام أن طريقه إلى استزراع الحد الأدنى من قيم العصر السياسية الضرورية للتحول الديمقراطي ما زال طويلا، ويحتاج من نخبه وقادة رأيه كثيرا من الصبر والتضحيات".
نص البيان:
تطل علينا الذكرى الثانية عشرة لتأسيس حزب الصواب، وهي فرصة لاستحضار الظروف الصعبة والمخاض العسير اللذين طبعا المشهد الوطني سنة تأسيسه 2004، حيث الاحتقان السياسي والاجتماعي والانفلات الأمني وتدهور الأوضاع الاقتصادية للبلد، وغياب الحرية التي هي تربة التنمية الأولى وأساس الاستقرار السياسي.
ذلك ما دفع الجيل المؤسس إلى تحمل المسؤولية، كما هو حاله في كل فترات البلاد السابقة، والسعي للمشاركة في إنقاذ بلد تأكد أنه يسير إلى غور هاوية سحيق من الفتنة المنذرة بانتهاء وجود الدولة نفسها.
تمثلت تلك المشاركة في إنشاء حزب سياسي جديد بفكره وطرحه للقضايا الوطنية، واعتماد الهوية الطبيعية للمجتمع كأساس للوحدة الوطنية التي هي أساس الكيان الوطني المستقل والدافع للإبداع والتنمية.
لم تمض خمسة عشر شهرا على تأسيس الحزب ودعوته الجريئة إلى إنقاذ الديمقراطية وإزالة أسباب الاحتقان السياسي والاجتماعي والانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي، حتى وقع تغيير 03 اغسطس 2005. فكان الحزب حاضرا بقوة في التشاور الوطني الساعي إلى ترسيخ الديمقراطية وتكريس مبدأ فصل السلطات، ووضع حد لتغول سلطة الفرد في الدولة التي كانت ولا تزال هي أكبر آفات الديمقراطية في بلادنا. وعلى الرغم من نجاح المرحلة الانتقالية في استعادة الحياة الديمقراطية وتعديل الدستور بما يضمن الحقوق والحريات ويضع حدا لطموحات الحكام في الاحتفاظ بالسلطة من خلال الإقرار دستوريا بمأموريتين غير قابلتين للتجديد، محصنتين بقسم صريح، إلا أن ذلك لم يفض إلى الاستقرار السياسي والتوافق المنشود وعادت البلاد سريعا إلى تغيير 2008 وما تلاه من حوارات أفضت إلى انتخابات رئاسية 2009 شارك فيها كل الفاعلين السياسيين دون استثناء.
لم يكن الأمر كافيا لتستعيد الحياة السياسية أسباب الأمل والثقة و العمل المشترك لصالح الشعب والأمة، بل ازداد الوضع سوءا وتدهورت من جديد مستويات الثقة بين الشركاء السياسيين، ولم تكد موجات الغضب الشعبي في الوطن العربي من انظمة جمعت بين العمالة والاستبداد واختلطت فيها الانتفاضات الشعبية الصادقة بالاضطرابات والفتن تدخل مراحلها الأولى حتى اشرأبت إليها الأنظار من كل بالاتجاهات، فكان حزب الصوب يقظا وواعيا بتعقيدات هذه الانتفاضات، مقدِّرا حجم الخطر الذي يمكن أن يتهدد البلد في وحدته وأمنه واستقراره جراء وصولها إليه على ذلك النحو، كما حصل في تجارب أخرى، كانت تنشد الديمقراطية والتغيير فوقعت في وهاد الفتن والحروب الأهلية. لم يتردد الحزب في الدعوة إلى حوار وطني يعيد الأمل ويحصن المجتمع من خطر الانزلاق إلى ما لا تحمد عقباه. فكانت مشاركته في حوار 2011 من خلال كتلة المعاهدة، بغية المساهمة في كل ما من شأنه تجنيب البلاد القفز في مجهول قد لا تكون نتائجه قابلة للعلاج. وبالفعل فقد وضعت نتائج هذا الحوار الهام بذور تجربة ديمقراطية أكثر نضجا ومصداقية على مستوى التصور والنصوص على الأقل، وإن ظل تطبيقه بعيدا من الممكن والمؤمل.
إننا نخلد اليوم ذكرى تأسيس الحزب وسط مشهد سياسي مليء بالتجاذبات التي يغيب عنها في الغالب الشعور بالمسؤولية التاريخية اتجاه الوطن والأمة، فبدلا من الانشغال بآثار الأزمة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية الحادة وفي مقدمتها الرق وأثاره، وتغييب لغة االبلاد الدستورية عن العمل والإدارة، وانخفاض أسعار مواد البلاد الأولية:(الحديد، النفط)، وترك موارد أخرى تحت رحمة جشع وأطماع مؤسسات النهب العابرة للقارات، وغلاء المعيشة والارتفاع المذهل لأسعار الوقود رغم انخفاضها الكبير عالميا، ومساعي جهات خارجية كثيرة لزرع الفتنة وتدمير الوحدة الوطنية كما هو حال التحركات الكثيفة العلنية ـ بل الوقحة ـ لبعثات غربية تجوب البلاد شرقا وغربا، وتقارير أممية تجسد رغبة أصحاب تلك التحركات في زرع بذور الفتنة وتدمير السلم الأهلي، بدلا من ذلك نلاحظ انحدار لغة الخطاب السياسي على نحو غير مسبوق واتساع الهوة بين مختلف الأطراف بدل دخولها في حوار تُصِرُّ مجتمعة على تأجيله منذ 2013، وهو ما يهدد الحياة السياسية الطبيعية ويفتح من الاحتمالات ما لا يصب في مصلحة الوطن.
وبهذه المناسبة نجدد دعوتنا لكل الفرقاء السياسيين إلى التشبث بالمكتسبات الديمقراطية التي حققها بلدنا من خلال تضحيات جسام قدمها الشعب الموريتاني في العقود الماضية، سواء تعلق الأمر بالحريات الفردية والجماعية كحرية التعبير، وحق إنشاء الأحزاب والنقابات وهيئات المجتمع المدني والحفاظ على هذا المكسب والدفاع عنه في كل الظروف، أو ما تعلق بجوهر الديمقراطية الذي هو مبدأ التناوب السلمي على السلطة، واعتماد الحوار الوطني سبيلا وحيدا لحل كل المشكلات وتطوير المؤسسات السياسية وترقية قيم الديمقراطية في مجتمع تؤكد الأيام أن طريقه إلى استزراع الحد الأدنى من قيم العصر السياسية الضرورية للتحول الديمقراطي ما زال طويلا، ويحتاج من نخبه وقادة رأيه كثيرا من الصبر والتضحيات.
القيادة السياسية
الحادي عشر من شعبان 1437
الموافق 18 مايو 2016