أبرز مظاهر التوتر داخل الأغلبية الداعمة للرئيس(*)

تعيش الأغلبية الداعمة للرئيس الموريتانى حالة من التوتر غير المسبوقة فى تاريخ الأحكام الرئاسية بموريتانيا، مما يهدد استمرار الرجل فى الحكم إلى غاية انتهاء مأموريته، ويعيد شبح اضطرابات السلطة بداية الثمانينيات للواجهة من جديد.

 

وتقول تقارير سياسية واعلامية موثوقة إن الرجل يعيش حالة من الغضب غير مسبوقة، لكنه محكوم بموازنات الكرسى، وقلق من استمرار الانقسام داخل معسكر الأغلبية الداعم له، بينما تنشط الأطراف السياسية المعارضة فى الداخل والخارج من أجل توحيد جهودها فى مواجهة أخذت طابع التحدى، وبات أصحابها يناقشون بكل أريحية مستقبل العملية السياسية من دون الرئيس الحالى محمد ولد عبد العزيز.

 

وينظر الرئيس إلى المؤسسة العسكرية باعتبارها الطرف المتماسك لحد الساعة داخل معسكر الأغلبية، رغم المخاوف التقليدية من تنامى الخلاف بين كبار الضباط وصغار الفاعلين فى الجيش، فى ظل ضعف التوازن والتصعيد المستمر فى الساحة السياسية منذ انقلاب الثالث من أغشت 2008 الذى أزاح الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله من الحكم.

وقد بدأ الانقسام بشكل مبكر بين أعضاء الحكومة بعد تعيين يحى ولد حدمين وزيرا أول خلفا للوزير الأول السابق مولاي ولد محمد لغظف، وهو الخلاف الذى فشلت كل الوساطات فى انهائه، وانقسم أعضاء الحكومة وكبار المسؤولين داخل معسكر الأغلبية بين داعم للوزير الأول الحالى وحالم بعودة سلفه لمقاليد الحكم.

وقد عجز الرئيس عن احتواء التوتر بين الرجلين، رغم التعديلات الوزارية التى قام بها من أجل تعزيز مكانة ولد حدمين خلال الأشهر الأخيرة، لكن زيارة الثالث من مايو 2016 أظهرت حجم الانقسام والتمايز بين المعسكرين.

ولم تنته الزيارة بسلام، فبعد خطاب الرجل الذى أثار زوبعة سياسية واعلامية فى البلد، ظهرت أزمة جديدة بين بعض الفرقاء داخل الأغلبية، وخصوصا مجلس الشيوخ بقيادة ابن عمه النافذ سابقا محسن ولد الحاج ورئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم أحد أركان العملية السياسية فى موريتانيا خلال الفترة الأخيرة.

أعضاء مجلس الشيوخ الذين استلموا رسالة الرئيس الصادمة حملوا ولد محم دون الجهر بها مسؤولية اقناع الرئيس بالغاء الغرفة الأولى للبرلمان، مؤكدين أنه سعى لتصفية محسن ولد الحاج وبعض الفاعلين فى الأغلبية معهم عبر انهاء المؤسسة التى ينتمون إليها، وفرض المزيد من الانسجام داخل الأغلبية ضمن تحالف يضم الوزير الأول يحى ولد حدمين ورئيس رابطة العمدة الموريتانيين الشيخ ولد بايه، ويعمل رئيس الجمعية الوطنية محمد ولد أبيليل إلى الاحتماء به والخروج من صراعات الكبار بأقل خسارة.

لكن الطريف فى شقاق الأغلبية وصراعها هو تفجير أزمة جديدة هذه المرة بين المدير العام للإذاعة عبد الله ولد يعقوب ولد حرمه الله والمدير السابق محمد الشيخ ولد سيدي محمد ضمن صراع محاور يعتمد فيه الأول على ثقة الرئيس ورئيس حزبه، ويعتمد فيه المدير المعزول على شبكة نسجها خلال السنوات الأربعة الماضية، وقدرة فائقة على توظيف المتناقضات من أجل احراج خليفته واظهار قرار الحكومة بالمتسرع وغير الموفق.

 

وتشكل الساعات القادمة أبرز مراحل الحسم بين رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم الذى قرر حسم ملف الشيوخ وبين رئيس المجلس الذى قرر اظهار قوته ومكانته فى الساحة المحلية، وهو حسم قد تكون تداعياته داخل الأغلبية كبيرة، خصوصا اذا أشفع بقرارات أخرى من شأنها تعزيز الانسجام بين الفاعلين فيها واخراج رموز التوتير فى مرحلة بالغة الحساسية والأهمية لدى الجميع.