كشفت أزمة الشيوخ المتصاعدة منذ منتصف مايو 2016 هشاشة الائتلاف الحاكم بموريتانيا، وتنافر القوى الداعمة للرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز، مع تأثير ضعيف لدى مجمل أعضاء الحكومة فى الأوساط التى ينحدرون منها.
وتظهر معطيات الصراع الجارى بين الحكومة والمجلس والحزب أن مجمل أعضاء الحكومة الذين افتعلوا أزمة مع الشيوخ غير قادرين على جلب شيخ واحد للحزب الذى أقحموه فى المعركة، بل إن الدوائر التى ينتمون إليها كان أصحابها فى طليعة المناوئين للحكومة والحزب وربما الرئيس، فى مفارقة تعكس عمق التحول الحاصل فى موريتانيا، وتعيين الوزراء من الصف الثالث بالمناطق التى ينتمون إليها، مع عجز واضح عن استغلال المنصب لبناء مكانة داخل النخبة الممسكة بزمام الأمور فى البلد.
لقد استنفد الحزب الحاكم وسائل التأثير ، فكانت الحصيلة تسعة أعضاء من مجلس الشيوخ ، ضحوا بعلاقتهم الوطيدة برفاقهم داخل المجلس الغاضب من أجل سمعة أعضائه، من أجل الصداقة التى تربطهم برئيس الحزب، بينما كانت البقية تمارس الضغط المفزع على الحكومة، لإظهار حجم الضعف الذي يميز أغلب وزرائها خلال الفترة الأخيرة.
لقد عجز الوزراء عن جلب شيخ واحد، حتى من الدائرة الضيقة جدا،تاركين الرئيس ذاته يستشعر حجم المسؤولية المترتبة عليه، وخطورة التجاهل القائم للأزمة فى ظل تعطيل واضح للعملية التشريعية بموريتانيا.
ولعل الغريب فى الأمر أن كل المتهمين بالإساءة للشيوخ هم من الوزراء، بينما كانت بقية الوفود على قدر من الوعى والمسؤولية ، رغم التهميش الذى تعيشه والنظرة الدونية لها من صناع القرار، وإلحاقها قسرا بالوزراء الذين تصدروا حملة الشرح المتعسف لخطاب الرئيس، والإساءة المبالغ فيها لمعارضيه وبعض مسانديه.