بعد خطاب ولد منصور .. هل يتجه الإسلاميون لاتخاذ موقف جديد؟

اظهر خطاب رئيس حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية المعارض محمد جميل ولد منصور فى حفل الإفطار الأخير تحولا فى نظرة الحزب للواقع السياسى بموريتانيا، ودفعا باتجاه "واقعية سياسية" جديدة، قد تمهد لاتخاذ مواقف مغايرة من الحوار والسلطة ، وترسم ملامح مستقبل جديد للتشكلة السياسية المعارضة.

ولد منصور الذى اختار كلماته باتقان حاول امساك العصى من الوسط، معطيا رسالة بالغة الدلالة للنخبة السياسية المترددة بشأن الحوار ، والممسكين بالسلطة على حد سواء.

ورغم أن جو الإفطار طغت عليه المجاملة، إلا أن كلمات ولد منصور أبانت عن توجه جديد لدى الحزب المعارض، قوامه الشجاعة فى الموقف والتعامل مع الواقع بحيوية وتفاعل، يستشعر أصحابها عظم المسؤولية مع تحرر من عبادة الذات والحرص على نقاء الصورة، ولو كانت المواقف مكلفة للبلد الذى ينتمون إليه.

لقد أظهر ولد منصور انزعاج التيار الإسلامى من الصور الواردة من بلدان الربيع العربى دون أن يسميها، ورفضهم لإستيراد النموذج الآخر مهما كانت بدايته مغرية للإسلاميين عموما، مع الرفض فى الوقت ذاته للاستبداد وتحكم النخب الفاسدة فى مسار الشعوب ومصادرة آرائها، قائلا بالحرف الواحد " نوعان من البلدان والأحوال لايغريان :

(*) بلد يتصارع أهله وينهار أمنه ويتفاعل أبناؤه ويفسد حاله.

(*) بلد يجثم عليه الاستبداد أو يمنع الناس فيه حقوقهم وحرياتهم وما يريدون وما يطلبون.

 

ورأي ولد منصور أن الأفضل  والأسلم " الاستقرار والسكينة والألفة على قاعدة العدل والديمقراطية والإصلاح والتنمية".

ويعزز ولد منصور طرحه بالقول " إن المحافظة على الكيان أهم من إصلاحه والأفضل والأسلم والأنفع والأرفق المحافظة على الكيان وإصلاحه، فلا تحصين إلا بالعدل والمساواة".

 

تصريحات ولد منصور قد تشكل بداية تحول فى خطاب التيار الإسلامى يستشعر أصحابها خطورة الواقع الصعب فى المنطقة ومخاطر الأزمة السياسية المستمرة، ويتطلعون – دون اعلانها بشكل صريح- إلى حل تحفظ فيه وحدة البلد وتصان فيه الحريات العامة ويستشعر الجميع فيه قيمة الأمن والحرية ويستفيد من ظلال الدولة الجامعة، وهو ما يشكل بحق رسالة بالغة الإيجابية للسلطة والأطراف الممسكة بها من أجل تهدئة الوضع وتقديم تنازل متبادل، ورسالة تشجيع وتحفيز للأطراف السياسية المحاورة من أجل الذهاب إلى الحوار والتحرر من عقدة المبادرة وعبادة الذات بغية انجاز مصالحة حقيقة تضمن اجراء تحول ديمقراطى داخل البلد، وتنهى القطيعة القائمة منذ سنوات بين مجمل الأطراف السياسية العاملة فى البلد.