شكل يوم التاسع والعشرين من يونيو 2016 أسوء أيام جهاز الشرطة بموريتانيا منذ فترة، حيث انهارت وحدات مكافحة الشغب التابعة له بشكل مفاجئ أمام بضعة متظاهرين فى أحد الأحياء العشوائية بالعاصمة نواكشوط، وسط حالة غضب غير مسبوقة داخل الأوساط الرسمية من ضعف جاهزية الجهاز.
محاولة لتنفيذ اتفاق ابرم قبل أشهر بين الحكومة الموريتانية والأسر المحتلة لمنطقة قرب مستشفى العيون المعروف شعبيا " بطب ولد بوعماتو"، كانت كافية لضرب صورة الجهاز قبل شهر واحد من انعقاد القمة العربية بالعاصمة نواكشوط، وتكليفه بمواجهة أي شغب قد تشهده العاصمة بحضرة كبار الزوار والضيوف.
تقول المعطيات التى جمعتها زهرة شنقيط إن بعض رجال الحى الشعبى ابرموا اتفاقا مع الحكومة يقضى بالترحيل إلى مناطق معدة للإيواء فى توجنين، ودفع مبالغ مالية، وانتظار اغلاق المدارس لأبوابها من أجل المحافظة على مستقبل أبناء الحى، لكن بعض الفاعلين فى الحى العشوائي من الشبان والنساء رفضوا الفكرة، وقرروا مقاومة الترحيل الذى خططت له الحكومة فجر الأربعاء.
حاكم المقاطعة ومفوض الشرطة وقوات مكافحة الشغب أهم ضحايا المخطط الذى شارك فيه شبان من داخل الحى، وبعض جيرانه، والحصيلة كارثية داخل الجهاز.
يقول بعض الحاضرين للمواجهة إن الطريقة التى حاولت بها الشرطة فرض أمر الواقع كانت مرتبكة ، ومنحت المتظاهرين فرصة للانقضاض عليهم بطريقة غير مسبوقة، استخدمت فيها الحجارة والعصى وقطع الحديد الصغيرة، وكان أصحابها يضربون عناصر الأمن بروح انتقامية.
مفتش الشرطة الشهير السالك ولد الغزوانى هو أبرز الضحايا، ومعه عدد من رجاله، بينما أسلم آخرون أنفسهم للريح، تاركين رفاقهم فى الميدان، وآليات الشرطة التى أقلتهم للمكان وهى تحترق، بعد أن اضرم فيها المتاظاهرون النيران، وتهشمت سيارات أخرى كانت متوقفة قرب المكان.
وقد سيطر المتظاهرون على مجمل الشوارع المحيطة بالحى العشوائي، وفرضوا أنفسهم أسياد المنطقة لساعة، وسط حالة من القلق فى مجمل المنازل المجاورة للمواجهات، بعد أن أحاط بها المتظاهرون وهم يحملون العصى والآلات الحادة ويشعلون أغضان الأشجار وأكوام القمامة لعرقلة حركة السير.
غير أن وزارة الداخلية قررت الإستعانة بأجهزة أمنية أخرى لمواجهة الإضطرابات ، واستدعت قوة التدخل التابعة لجهاز الحرس، وقوة أخرى مجهزة تابعة لجهاز الدرك، ودفعت بقوة من مكافحة الإرهاب من جهاز الشرطة لمواجهة المتظاهرين.
ومع وصول طلائع قوات الحرس والدرك، واعادة الإنتشار بطريقة احترافية، قرر المتظاهرون اخلاء الساحة بشكل نهائى، وتم اقتحامها دون مواجهة أو عنف.
وفى الأحياء المجاورة فعلت قوات الشرطة من حراكها لاعتقال أكبر عدد من مثيرى الشغب، واقتادت عشرات الشبان إلى الحى العشوائي، وتركت نساء الحى يعدن إلى أعرشتهن بعد فرض الهدوء في محيطها.
وتشكل حادثة اليوم أول اختبار لقائد جهاز الشرطة اللواء محمد ولد مكت منذ تعيينه قائدا للجهاز قبل سنة وسبعة أشهر، كما أنها الأسوء فى مسار التحضير للقمة العربية المقررة يوليو 2016.