قمة الأمل والأمل القمةَ

يعتد كل الموريتانيين بانتمائهم لإطارهم العربي إضافة إلى فضائهم الإفريقي؛ إذ يفخرون بعروبتهم الناصعة صفاء والفائحة عبقا في فصاحة اللسان وروح القيم العليا والعادات المثلى والمثل السامية والقلوب الطيبة والأفئدة السمحة المسامحة ؛ وفي النفوس المشرئبة دائما إلى معالي  الأمور وكريم الأخلاق بطبع يعتبر ذلك هو الفخر والمجد والقيمة ، تشده إلى كل هذا وتشبثه به قيم وتعاليم وجوهر الدين الإسلامي الحنيف الذي هو دين الشعب كل الشعب ودون استثناء . إلا أن التحديات الكبرى والمخاطر الجسيمة التي تنخر الجسم العربي اليوم في إطاره العام وبنيته الوحدوية وكينونته الوجودية ومكوناته الجزئية من تمزق وتشتت داخلي وخلافات بينية إضافة إلى عدم وضوح الرؤية – للأسف – في الكثير من القرارات والإجراءات بسبب التدخلات المختلفة والمحاولات الأجنبية الدائمة للتأثير على القرار بما يبدد الأفكار البناءة ويستبعد الرؤى التقدمية ويحد من الأفعال الخلاقة تجعل الموريتاني كما كل عربي يهتم بهذا الكيان يرجو ويود أن تنزاح من أمامنا جميع عراقيل الوحدة والتقدم والعزة ، ويتمنى كلما من شأنه أن يترقي بنا إلى ما نصبوا إليه جميعا من آمال.

وإن من أكبر وأسمى وأعم وأجدى وأنفع هذه الآمال إطلاقا – والتي نرجو أن تتجسد أفعالا- التركيز على بحث علاقاتنا بالعالم الإسلامي والحرص على حمايتها وتطويرها وجعلها فوق كل اعتبار لأن ذلك أمر هام وربما لا غنى عنه ـقد يكون شرطاـ لنجاح أمتنا العربية، وأن تتضمن نتائج قمة الأمل إعلانا بهذا الخصوص يكون بذلك إعلان انواكشوط الوحدوي التضامني التاريخي.

إنه لمن آمالنا القمة في قمتنا الأمل هذه أن يتم الإعلان عاليا عن استعداد الجامعة العربية وكل دولة عربية على حدة لتوطيد وتطوير العلاقات مع كل الدول والكيانات والجهات الإسلامية وإعلان الرغبة في فتح صفحات جديدة في العلاقات مع أي دولة أو جهة إسلامية قد تكون العلاقات معها قد شيبت يوما بأية شائبة ، والاتجاه لفتح الأذرع للتعامل والتعاون دون تحفظ أو شرط لحل جميع المشاكل القائمة في عالمنا الإسلامي والعربي كجزء مهم ونواة حيوية في الصرح الإسلامي الكبير والرفيع ، على أن يتضمن هذا الإعلان أيضا رفض أي تدخل في علاقاتنا مع أي طرف إسلامي تماما كما نرفضه في علاقاتنا البينية الضيقة ، واعتبار ذلك خطا أحمر..إضافة إلى تقديم هذه العلاقة عن غيرها في حال التعارض،والالتزام بابتعادنا كل البعد عن مداولة أو نقاش أي محور أو نقطة قد تعكر صفو أي طرف إسلامي مهما كان أحرى أن نثيرها.

إن مثل هكذا إعلان يحتاج طبعا – خصوصا في الظروف الحالية – إلى شجاعة كبيرة ، إلا أننا في العالم العربي لا شك نمتلك تلك الشجاعة وأكثر وفي العالم العربي والإسلامي نحتاج هذه الشجاعة الآن وأكثر من أي وقت مضى.

لعل مثل هذا التوجه يشكل الأساس والجوهر لضمان حل الكثير من مشاكلنا ومشاكل منطقتنا إن لم نقل كلها ، أو على الأقل ـ م زاوية غير المتفائلين ـ نكون قد أبعدنا الكرة عن مرمانا ، و عملنا عملا نبيلا وجبارا مطلوبا أخلاقيا ومفيدا دبلوماسيا كما أنه هدف دينيا ، قد يرفع تحد ربما يكون من الأسباب الكامنة وراء أي فشل قد نكون قد وقعنا فيه لأننا أمة رفعها الله وأعزها بالإسلام – دعونا نرجع للحق – مهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله، وفقنا الله للعزة وأبقانا دائما كذلك ، وأبعدنا عن الذلة وأسبابها ونتائجها.

إن إسلامية العالم العربي في غالبيته العظمى تبرر حقه في هذا الأمل؛ وأمل موريتانيا المسلمة بالكامل في إنجاح قمة الأمل العربية يجعلها حقيقة بمثل هذا المقترح ولعب مثل هذا الدور الفاعل في التقريب بين كل الأطراف العربية والإسلامية وبذلك نبذل مجهودا حسنا لتجاوز الخلافات والمشاكل ودعوة كل دولة سواء عربية أو إسلامية للعب نفس الدور بين أية أطراف قد تكون أقرب للتأثير عليها ودفعها للتقارب والتفاهم ، وبهذا العمل الجماعي المتبادل المتكامل والعام المؤسس على النوايا الحسنة التي نحن لها أهل سيؤسس لطريق جديد يوصلنا بالتأكيد إلى قمة طموحاتنا.

فهل ستتضمن نتائج قمة الأمل في انواكشوط هذا الأمل القمة الذي يأمله بالتأكيد كل العرب والمسلمين ، ونلعب به الدور المحوري والريادي للعرب المتشبثين بالإسلام فهما وتطبيقا ، بعيدا عن المكابرة والعقد التي يحاول أن يخلقها أعداء الأمتين الإسلامية والعربية هنا وهناك ويحرصون على رعايتها لتعمِّر وتنمو فتصبح بؤر توتر ومنشأ فتيل خلافات ومشاكل وويلات وحروب ندفع ثمنها لحظيا في العالم الإسلامي عموما والعربي خصوصا منذ أمد طال وآن له أن ينتهي؛هذا أملنا القمة في قمتنا الأمل.

ابراهيم محمد مزيد