كثيرا ما تعترضنا عراقيل أو تحديات فنكون حينئذ أمام امتحان صعب مآله إحدى نتيجتين اثنتين انتصار أو فشل، ولاشك أن الأمر ينطبق علينا كموريتانيين حينما قبلنا خوض غمار التحدي وقررنا عقد القمة العربية ال27 على أرض المنارة والرباط في هذه الظرفية الحساسة من تاريخنا العربي وفي ظل الأوضاع الجيوسياسية المعقدة التي تشهدها بعض الدول العربية الشقيقة.
لا خلاف على شجاعة القرار ووطنيته فلأول مرة تستضيف بلادنا قمة عربية منذ انضمامها إلى الجامعة العربية بعد أن اكتفت طويلا بالحضور والمشاركة لدى الآخرين وذالك ناتج عن بعض العراقيل الموضوعية من بنية تحتية وغيرها الشيء الذي تخطيناه ولله الحمد - ولو نسبيا- في هذه الظرفية من تاريخنا بفضل الإرادة القوية للقائمين على هذا البلد مشكورين ونسأل الله المزيد، لم يقف الموريتانيون مكتوفي الأيدي بعد اتخاذ القرار الشجاع وقبول التحدي باستضافة العرب في أكبر محفل للعرب وفي ظرف وجيز لا يتخطى الثلاثة أشهر فواصلوا الليل بالنهار بالعمل الجاد والمسؤول حكومة وشعبا همهم الوحيد الرفع من مكانة موريتانيا وجعلها تتبوأ المكانة اللائقة بها بين الأمم وكان ما كان فلبست العاصمة نواكشوط حلتها وازَّينت للعرب بعد أن خبروا علماءها وشعراءها وكرمها وفصاحة أهلها في بلدانهم فإذا بهم في ضيافتها وعلى أرضها الطاهرة بين ظهراني إخوانهم وأخواتهم.
كل شيء بدا جميلا بفضل تلاحم فخامة الرئيس والحكومة والشعب لوحة فنية جميلة يتمناها الكثيرون في هذا العالم، كل الجهود منصهرة من أجل إبراز الوجه المشرق لبلاد شنقيط واستقبال الضيوف بالشكل الذي يعكس أصالة وكرم وبساطة وأمن هذا الشعب الأبي الأصيل وهو ما تحقق بالفعل بعد أن دخلت الخيمة الموريتانية - المفتوحة الأبواب - كل بيت عربي وغير عربي في يوم مشهود سطره الموريتانيون في التاريخ المعاصر بمداد من ذهب، في يوم انتصرت فيه الإرادة الموريتانية بفضل الله أولا ثم بفضل القائمين على هذا البلد وبفضل أحزاب ومثقفي وأدباء وكتاب وشعراء وإعلاميي وفناني هذا الوطن الحبيب، لا بل بفضل كل أبناء هذا الوطن الغالي واللذين لا شك أنهم سيواكبون ويعدون العدة لنجاح هذه المأمورية إلى أن يسلموا المشعل بفخر واعتزاز إلى الأشقاء العرب ممثلين في الجمهورية اليمنية الشقيقة، وليس ذالك بالأمر الصعب علينا فتجربة قيادة الأفارقة ماثلة للعيان وليست عنا ببعيد.