أبرز معالم الفضيحة فى ملف "سونمكس" .. لكن من يمتلك القرار؟

ركزت وسائل الإعلام الخاصة طيلة الأيام الأخيرة على ملف التحقيق فى شركة "سونمكس"، وأسماء الضالعين في عمليات التلاعب الواسعة التى شهدها ملف الأسمدة بولاية أترارزه، دون الخوض فى ملف آخر هو أسوء بكثير من ظهر الجليد المنهار بفعل ضغط الأمن ولجان التفتيش.

خمسة آلاف طن من الأسمدة، ومخازن فارغة، وحملة تلاعب ممنهجة بمخزون البلاد من أهم المواد الحيوية، ومجمل الأجهزة الأجهزة الأمنية والإدارية بالولاية خارج التغطية، بل إن القائمين على الشركة ووزارة التجارة والزراعة يدفعون الآن بعدم العلم بتفاصيل الملف الغامض، وكأن التفريط فى تسيير الأفراد والمؤسسات والمخازن منجز يجب الصدع به والدفع به أمام لجان التفتيش.

لم يكلف والى الولاية – وهو الإدارى المجرب- نفسه تفقد مخازن الشركة بداية فصل الخريف، وقبل زيارة الرئيس والحملة الزراعية، رغم محورية الملف لدى صناع القرار، ولم تبلغ الأجهزة الأمنية الأربعة الفاعلة بالولاية (الدرك والشرطة والجمارك والحرس) بأي شحنة مجهولة المصدر أو الوجهة، ولم تتسلم القطاعات الوزارية المعنية بالملف (التجارة والزراعة والداخلية) أي تقرير أو بلاغ أو إشارة لحجم التلاعب الحاصل، والفوضوية المعمول بها فى قطاع حيوي، ضخت فيه الدولة عشرات المليارات خلال الفترة الأخيرة.

صدمة بالغة لصناع القرار دون شك، وهم يتابعون ما آلت إليه الأمور فى ولاية حدودية حيوية، إنه اختراق من العيار الثقيل، أبطالها فاسدون ونافذون ورجال دولة، فهل هنالك خرق آخر؟ من يدرى برما تسير الولايات الحدودية بعقلية مشابهة لتسيير أترارزه!.

يحاول الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز إعطاء صورة عن مدى الاهتمام القائم بالقطاع الزراعى، من خلال قطع التحضير للقمة العربية والذهاب إلى روصو، ويفتعل مساعدوه ضجة تثبت حرص الرئيس على معرفة التفاصيل، وإثارة كل القضايا المتعلقة بالقطاع، من خلال الاجتماع بالمزارعين والإداريين، والخروج عبر الشاشة وهو يستفسر عن كل صغيرة أو كبيرة .. لكن أين تلك الشطارة والنباهة ومليارات الأوقية تنهب بشكل ممنهج؟ أين تلك المتابعة والمراقبة ومجمل الأجهزة الإدارية والأمنية خارج التغطية؟.

لقد طمأن الرئيس العاملين فى القطاع الزراعى، ووعد بتوفير الأسمدة وكل المعدات المطلوبة .. لكن هل كان الرئيس يدرك حجم الخطأ وهو يعد بما لايمتلك بفعل ضعف معاونيه؟ .. لقد أظهرت فضيحة "سونمكس" أن البلد يحتاج إلى حزم ومتابعة وصرامة أكثر من حاجته للكلام والترويج والمجاملة لذوى القربى فى السياسة أو العشير؟.

لقد عرت "سونمكس" المنظومة المحكوم بها، ووضعت الرئيس والحكومة أمام خيارين .. دولة قادرة على اتخاذ القرار فى مواجهة الظروف الصعبة أو انهيار أمام مافيا الفساد والرضى بالسلامة والعافية ، وتعويض المسروق من جيوب الفقراء والمستثمرين.