أعلنت الشركة الوطنية للصناعة والمناجم عن برنامج "النهوض" خلال النصف الأول من 2013، في فترة ذهبية للأسعار حوالي 140 دولارا للطن، وهذا البرنامج عبارة عن رؤية جديدة للشركة لدخول نادي الخمسة الكبار المصدرين لخام الحديد دوليا وذلك برفع إنتاجها إلى 40 مليون طن سنويا في أفق 2025م. الإعلان عن البرنامج صاحبته حملة محلية ودولية لترويج له وصل صداها إلى صحيفة الفايننشال تايمز( Financial Times ) الذائعة الصيت، التي نشرت في عددها الصادر بتاريخ 10أبريل 2014 تقريرا خاصا عن موريتانيا خصصت الجزء الأكبر منه للحديث عن برنامج النهوض هذا.
اليوم وبعد مرور ثلاثة سنوات على الإعلان عن البرنامج، ونحو سنتين ونصف تفصلنا عن حلول 2019 م، السنة التي حددتها سنيم لتحقيق الهدف الأول من البرنامج، المتمثل في رفع حجم صادرا تها من خام الحديد إلى نحو25 مليون طن سنويا. لكن في الحقيقة سنيم الآن تكافح من أجل استعادة 26% من حصتها التي خسرتها خلال السنة المنصرمة 2015 بعد انهيار الأسعار، التي انخفضت بحوالي 75 % عن ما كانت عليه وقت الإعلان عن البرنامج.
ويبقى السؤال هل ستدخل سنيم نادي الخمسة الكبار في أفق 2025 ؟
لقد تولى المدير العام السابق لشركة سنيم السيد ابراهيم ولد امبارك الجواب على هذا السؤال بطريقة غير مباشرة وذلك خلال خرجته الإعلامية الأخيرة على قناة آفريكا 24 الموجهة لتنوير الرأي العام الهايتي أو الغابوني حول مستقبل سنيم .
صحيح أن سنيم استثمرت في سنوات الأخيرة مئات الملايين من الدولارات (1.6 مليار دولار حسب موقع الشركة ) مكنتها من تطوير وعصرنة بنيتها التحتية وتحسين خطوط الإنتاج والنقل والشحن لديها، حيث تم إنشاء ميناء معدني جديد بنواذيبو يستطيع استقبال سفن تصل حمولتها 250 ألف طن، كما تم تركيب قالب للعربات جديد يمكنه التفريغ المتواصل دون انقطاع بمعدل 80 عربة للساعة مما سيمكن من تقليص مدة انتظار السفن وتخفيض تكلفة النقل البحري،هذا بإضافة إلى بدأ العمل في مشروع "القلب 2" الذي سيرفع من قدرة سنيم الإنتاجية الحالية ب 30% وذلك بإضافة 4 ملايين طن سنويا من الخامات المركزة ذات الجودة العالية حيث تبلغ نسبة الحديد فيها 68.5%.
لكن برنامج النهوض هذا وحسب موقع الشركة حدّد 40 دولارا للطن كحد أقصى للتكلفة التي ستنافس السنيم بها في السوق الدولية حيث ورد على موقع الشركة ما يلي " يترجم هذا البرنامج الرؤية الجديدة لشركة سنيم على المدى البعيد الرامية إلى تحقيق إنتاج يصل إلى 40 مليون طن سنويا في أفق 2025 بكلفة متحكم فيها تقل عن 40 دولار/الطن".
وفي حقيقة الأمر المنافسة بتكلفة تصل إلى حدود 40 دولار للطن باتت شبه مستحيلة حيث أن جل الشركات العالمية الكبيرة نجحت في حصر التكلفة تحت عتبة 20 دولارا للطن بل هناك من نجح في حصر التكلفة تحت 15 دولار للطن مثل جموعة فورتيسك ميتالز الأسترالية (FMG) التي نجحت في حصر التكلفة ما بين 12 -13 دولار للطن.
وحسب وتيرة الإنتاج الحالية لسنيم فإنها قد تحقق هذه السنة إنتاج يفوق 14 مليون طن لأول مرة في تاريخها، وقد تستعيد و تحسن موقعها في السوق الدولي والصيني خاصة، حيث تشير بيانات السوق الصيني أن حجم صادرات بلادنا إليها من خام الحديد خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية بلغ حوالي (4309862.63 طن) بزيادة قدرها 21.47% مقارنة بنفس الفترة من السنة المنصرمة 2015 التي كان قد بلغ فيها حجم صادراتنا ( 3547851.53 طن)، لكن يبقى أقل من حجم صادراتنا مقارنة بنفس الفترة من سنة 2014 الذي كان قد بلغ (5419944.799 طن).
ولا استبعد أن تنجح سنيم في رفع حجم إنتاجها السنوي إلى 20 مليون طن سنويا خلال خمسة السنوات القادمة خاصة أنها أصبحت تمتلك الكادر البشري و البنية التحتية لجميع حلقات سلسلة الإنتاج الكفيلة بتلبية متطلبات تحقيق ذلك.
إن الزيادة في الإنتاج إلى 40 مليون طن سنويا وحدها لا تكفي، فلا بد لسنيم من أن تتطور وما يتماشى والوضعية المستقبلية لسوق الدولية التي بدأت ملامحها تظهر وذلك عن طريق التحكم في الإنتاج بتكلفة تنافسية لمنتجات ذات جودة عالية تقل فيها الشوائب خاصة السيلكا، وخطة تسويقية تضمن الولوج إلى الأسواق العالمية لخام الحديد خاصة السوق الآسوية ( الصين وكوريا الجنوبية ومجموعة دول الآسيان). أما بخصوص مستقبل سنيم في دخول نادي الخمسة الكبار فسيبقى حلما قابل للتحقيق، لكن بدون شك ليس في أفق 2025 م كما رسم برنامج النهوض مسبقا،هذا أصلا إن لم يكن برنامج النهوض نفسه قد أصبح من الماضي ويحتاج هو الآخر برنامجا جديدا للنهوض به
ونفض الغبار الأحمر والأسود عن ملفاته، ويبقى دخول سنيم لنادي الخمسة الكبار بين الواقع و الطموحات وقد يصطدم بالمعوقات والمشاكل التي تواجه سنيم داخليا، وبالواقع الخارجي لسوق تزداد تنافسية يوما بعد يوم ....فما هي يا ترى المعوقات الداخلية والخارجية التي قد تعيق دخول سنيم نادي الخمسة الكبار ؟ وماهي وضعية الشركات الدولية المنافسة لسنيم؟
د. يربان الحسين الخراشي