استقالة نائب مقاطعة الطينطان سيدي محمد ولد سييدي من حزب تواصل بعد ضغوط مارسها رأس النظام شخصيا على الرجل وبعد أشهر من التهديد بسيف الضرائب والمضايقة التي باتت أحزاب المشهد المعارض ترضى بها في ظل هيمنة أصحاب السوابق في الدولة العميقة على قرار المعارضة والذين يمارسون فترة نقاهة وتطهر من أدران ما جنته أيديهم من خدمة لنظام الفرد التسلطي خلال حقبة ولد الطائع.. ثم يساهمون بأساليبهم الماكرة في تدجين ما تبقى من روح في أحزاب المعارضة.
كان من الطبيعي أن يرفض تواصل وأحزاب المنتدى ابتزاز أعضائهم من رجال الأعمال بين يدي الحوار السياسي الجاري الترتيب له غير أن ساسة المنتدى باتوا مقيدين بذهنية شركائهم الواقعية العاجزة عن مواجهة النظام المستقوي بأجهزة الدولة التي لا يعيش أغلب أقطاب المنتدى خارجها .. وهكذا نتابع المنتدى للأسف وهو يغرق في يتيه دوامة اجتماعاته ورحلاته الداخلية التي تسمح له بــ"عنتريات شكلية" بينما يضيع الموقف السياسي وتنهار المناعة في ظل السكوت عن "وقاحة" "الابتزاز" التي يمارسها النظام.
ولكن تواصل والمنتدى أضاعا شروط تحصين السيادة التي عبر عنها الشاعر قديما:
متى تجمع القلب الذكي وصارما****وأنفا حميا تجتنبك المظالم
إن سلاح أي حزب سياسي هو نضاله وانسجامه مع مبادئه والتضحية في سبيلها بالغالي والنفيس فإذا كان تواصل خيار شرائح واسعة وحيل بينهم وبينه من طرف سلطة غير ديمقراطية ولا تحترم إرادة الناخبين المعبر عنها في نتائج صناديق الاقتراع المنتزعة من عاصفة هوجاء لاستخدام أدوات الدولة وتدخل الإدارة فإن هذه الشرائح ستحترم من ضحى في سبيلها وسيتشكل لديها رصيد مصداقية لا ينضب هو المعول عليه في نوعية الأحزاب التي ينتمي إليها تواصل.. وتلك العلاقة وما ينتج عنها من رصيد مصداقية وولاء لا يجوز التفريط فيه وعلى قيادة الحزب أن ترفض كلما يؤثر على علاقتها بجماهيرها ولو أدى الأمر لحل الحزب وإغلاق مقراته فساعتها سيكون النظام الفاسد والفرد المتسلط من يتحمل المسئولية وليس الحزب وقيادته أما إذا تم سحب جماهير الحزب وتفتيت قوته بطريق الضغط والابتزاز وقيادة الحزب تنعم بعافية "ظل المقرات الوارف" و"تمتع بنسيم المكيفات" في حر الصيف القائظ فلا محالة سيصلها الفناء في لحظة سريعة لأنها رضيت بأن يُقطع الحزب ويمزع وهي صامتة.
إن خيار الانبطاح سيفقد الحزب وقيادته المصداقية والجدية لعدة عقود قادمة حتى تتغير الأجيال لأن الرضى بسحب شعبية الحزب على هذا النحو هو رضى بالمذلة والمهانة لا يليق بتواصل وسيحول الحزب من محج وقبلة في الوقت الراهن إلى وجهة مرذولة تم تركيعها بسهولة ورضيت من الغنيمة بظل المقر الزائل ومهادنة طاغية لن يرضى بغير الاستتباع الكلي والسادية في الإذلال والإهانة ولا أدري ما فائدة السكوت على هذا النحو.
إن المنتدى وحزب تواصل راح يَدفن رأسه في الرمال ويستخذي للجلاد دون عناء وهو استخذاء سيجر مزيدا من التركيع على مستوى الحوضين وولاية لعصابة وهاتان المنطقتان تشكلان درة مجد تواصل التي سيأخذ نافذوا النظام في ابتزاز أهلها والطينطان ونائبه هما واسطة العقد الذي يرغب رئيس الحكومة الحالي يحي ولد حدمين في خلعه عن الحزب دون أن يقدم أي مسوغ مقنع ذلك أن تواصل كان أكثر الأحزاب واقعية وشارك بإيجابية كان ينبغي أن تقدر من طرف النظام الحالي ولكن خصومات ولد حدمين وحلفه والهزائم التي منوا بها جعلته يحمل معه حقده الأبدي على تواصل ومدن وقرى تأيده ومن الحقد ما قتل.. لكن تواصل يبدوا خائر القوى عن المنازلة والمبارزة في الدفاع عن مكتسباته.
إن عملية تجريد تواصل من شعبيته يبدوا أنها ستتم دون عناء سياسي فلن يبقى لتواصل أي ظهير انتخابي وسيتراجع للوراء في الاستحقاقات القادمة لا قدر الله..وعندها ستكون قيادة تواصل قد رضيت بالدنية في دنيا السياسة مما سيفقد الحزب مكانته ويحوله من حزب يحسب له حساب وازن إلى مجرد علم ومقر لا يزوره زائر ولا يذكره ذاكر.. وهذا هو حلم متطرفي الجنرالات والحاقدين من المنافسين في العديد من المناطق الداخلية بالبلاد فهل تعي قيادة تواصل استحقاق اللحظة أم أن روحها فاضت فرقا من وعيد تهديد ولد حدمين وآمره.. إن تواصل من الأحزاب التي لا يجوز لها الترخص والواقعية المقعدة عن الاستحقاق التاريخي المكافح كما قال أحدهم للإمام عندما هم بالترخص لا تفعل.. فإنك إمام منظور إليك.. إن تواصل لايقبل منه إلا الفداء والتضحية أما الترخص والانبطاح فمن سيرة آخرين.